التغذية

علاقة البروتينات بصحة الدماغ


من المثير للاهتمام أنَّ كمية البروتين الموجودة في الدماغ قليلة جداً، فربما يجعلك هذا تتساءل ما إذا كان الدماغ يحتاج إلى البروتين أساساً، لكن اتَّضح أنَّ البروتين ضروري جداً لوظيفة الدماغ، مع أنَّه لا يشكِّل جزءاً كبيراً من بنية دماغك.

تستخدم الخلايا العصبية في دماغك البروتين للتواصل مع بعضها بعضاً، كما تستخدم الأحماض الأمينية، وهي اللبنات الأساسية لبناء البروتين، في صنع النواقل العصبية التي تساعد الدماغ على تنظيم وظائف الأعضاء الأخرى في الجسم بطريقة صحيحة؛ وذلك يعني أنَّ البروتين ضروري لصحة الدماغ ووظيفته، علاوةً على ذلك، قد يؤثر عوز البروتين في جميع أعضائك الأخرى تأثيراً غير مباشر من خلال تراجع وظائف المخ.

كيفية تأثير البروتين في صحة الدماغ:

إليك ما تحتاج إلى معرفته عن كيفية تأثير البروتين في صحة الدماغ، إضافة إلى كيفية تحسين نظامك الغذائي لتحسين الوظائف الدماغية:

1. يحمي البروتين من الاختلال المعرفي المرتبط بالعمر:

إنَّ اتباع نظام غذائي غني بالبروتين يقلِّل من كمية “ببتيد بيتا النشواني” (amyloid-beta) في الجسم، والذي يُعَدُّ مؤهباً لمرض “ألزهايمر” (Alzheimer’s)، في إحدى الدراسات التي أُجريت على أكثر من 500 من كبار السن؛ إذ كان لدى أولئك الذين تناولوا 120 جراماً من البروتين يومياً مستويات أقل من الأميلويد بيتا من أولئك الذين تناولوا 54 جراماً يومياً.

إضافةً إلى ذلك، أظهرت دراسةٌ أخرى أُجريت على 920 من كبار السن أنَّ أولئك الذين يتبعون نظاماً غذائياً عالي البروتين، إلى جانب كثير من الخضروات الورقية والدهون الصحية، تحسَّنت وظائفهم الإدراكية وانخفضت نسبة خطر إصابتهم بالخرف.

ليس واضحاً تماماً كيفية تأثير البروتين في مستويات الأميلويد بيتا في الدماغ؛ إذ يظنُّ بعضهم أنَّها ناجمة عن التأثير الخافض لضغط الدم والمُحسِّن لصحة القلب لاتباع نظام غذائي عالي البروتين، عموماً العوامل التي تحسِّن صحة القلب تُحسِّن أيضاً صحة الدماغ.

توجد نظريةٌ أخرى مفادها أنَّ اتباع نظام غذائي غني بالبروتين يساعد على ضبط الوزن؛ إذ يُحفِّز البروتين الشعور بالشبع، ممَّا يقلِّل تناول السكر والكربوهيدرات المكرَّرة المسبِّبة للالتهاب، فإنَّ الحفاظ على وزن صحي وتقليل الالتهابات يُعدُّ أمراً ضرورياً لصحة الجسم عامَّةً، وصحة القلب والدماغ خاصَّةً.

مع أنَّ تناول 120 غراماً من البروتين في اليوم يبدو صعباً، لكن إذا ركَّزت على إدخال بعض البروتينات الصحية في جميع وجباتك الرئيسة والخفيفة على مدار اليوم، فلن تواجه أي مشكلة في الحصول على كميةٍ كافية من البروتين الضروري لصحة الدماغ.

2. يعزِّز البروتين نمو الدماغ الطبيعي عند الرضع والأطفال الصغار:

اتَّضح أنَّ البروتين لا يقل أهميةً عند الرضع والأطفال الصغار من كبار السن، ففي أثناء الحمل والسنوات الثلاث الأولى من عمر الطفل، يُعدُّ البروتين ضرورياً جداً لنمو الدماغ المبكِّر، فمع أنَّ الخلايا العصبية تتكوَّن من الدهون وتتغذَّى بصورة رئيسة على الغلوكوز، فإنَّها تحتاج إلى البروتين للتواصل مع بعضها بعضاً والتحكُّم بعديد من عمليات الجسم الضرورية للنمو والتطور.

يدخل البروتين أيضاً في تركيب الهرمونات والنواقل العصبية والإنزيمات التي يستخدمها الدماغ لإنجاز عديد من المهام الأساسية في أجزاء أخرى من الجسم؛ إذ يمكن أن يؤدي نقص البروتين في هذه المراحل المبكِّرة من التطور إلى صغر حجم الدماغ ونقص عدد الخلايا العصبية وكمية الناقلات العصبية، إضافة إلى محتوى أقل من الحمض النووي (DNA) والحمض النووي الريبي (RNA).

شاهد بالفديو: 9 عادات تساهم في تدمير دماغك!

 

3. يؤثر البروتين في الحالة المزاجية والشهية ومستويات الطاقة:

قد يفاجئك ذلك، لكن ما تأكله لا يؤثر فقط في وظيفة الدماغ العامَّة؛ بل في الحالة المزاجية والعواطف؛ إذ يمكن أن يؤدي نقص البروتين إلى تراجع الوظيفة الإدراكية؛ لأنَّ نقص البروتين يستنفد المواد الكيميائية في عقلك التي تتحكَّم بمستويات الطاقة والحالات المزاجية والشهية، كما قد يساهم نقص البروتين في النظام الغذائي في بعض أنواع التوحد، واضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه (ADHD)، والصرع، والاكتئاب، والقلق، واضطرابات المزاج الأخرى، ولا ينتهي الأمر عند هذا الحد.

إنَّ تناول وجبةٍ ثقيلة مليئة بالكربوهيدرات سوف يجعلك تشعر بالتعب والكسل؛ وذلك لأنَّه يعزِّز إنتاج “التربتوفان” (Tryptophan) في الدماغ، والتربتوفان هو ناقل عصبي يزيد من مستويات هرمون “السيروتونين” (Serotonin)، ممَّا يعزِّز الشعور بالهدوء والنعاس.

من ناحيةٍ أخرى، فإنَّ تناول وجبة غنية بالبروتين قد يجعلك يقظاً ومفعماً بالطاقة؛ لأنَّه يزيد مستوى الحمض الأميني “التيروزين” (Tyrosine)؛ إذ يُستخدم لإنتاج “الدوبامين” (Dopamine) و”النورإبينفرين” (Norepinephrine)، وهما ناقلان عصبيان يعزِّزان اليقظة ومستويات الطاقة.

إنَّ تناول الكثير من السكر والكربوهيدرات المكرَّرة والكافيين يؤثر أيضاً في إنتاج هذه الناقلات العصبية؛ أي بعبارةٍ أخرى، لا يمكنك إصلاح نظام غذائي غير صحي ونمط حياة غير صحي بمجرد تناول مزيد من البروتين.

4. يؤثر البروتين في إنتاج الهرمونات:

مع أنَّ بعض الهرمونات تتكوَّن من الدهون، فإنَّ كثيراً منها يتكوَّن من البروتين؛ إذ تتواصل الهرمونات مثل النواقل العصبية، لكن بصورة أبطأ قليلاً؛ إذ إنَّها هامَّة جداً للصحة الإنجابية وصحة الغدة الدرقية والكبد والدماغ وغيرها الكثير.

لا يستطيع الجسم تصنيع الأحماض الأمينية الأساسية الموجودة في مصادر البروتين عالية الجودة، وهذا يعني أنَّ نظامنا الغذائي يجب أن يحتوي عليها للحفاظ على التوازن الهرموني المناسب.

5. يؤثر البروتين في وظيفة الإنزيمات:

البروتين له قدرة على تغيير شكله والانحناء والالتواء على نفسه ليشكِّل هياكل لبناء الإنزيمات، وهذه الإنزيمات الصغيرة ضروريةٌ جداً لصحة الدماغ؛ إذ تساعد على تكسير اللويحات داخل الدماغ، وتساعد على تكوين النواقل العصبية، وغيرها من الوظائف.

6. يعدِّل نظامك الغذائي لتحسين صحة الدماغ:

نعلم جميعاً أنَّ المنتجات الحيوانية هي المصدر الرئيس للبروتين، لكن من المفاجئ أنَّه يوجد مصادر رائعة أخرى للبروتين التي يجب أن تضيفها إلى نظامك الغذائي، غالباً ما يحوي البروتين الحيواني على نسبة دهون مرتفعة، كما أنَّ هضمه أصعب من هضم البروتينات النباتية، كما أنَّ تناول بعض البروتينات النباتية يوفِّر أيضاً إنزيمات مفيدة وعناصر مغذية أخرى تدعم صحة الدماغ.

تعدُّ ألواح البروتين النباتي والمساحيق والمشروبات البديلة للوجبات الحاوية على بروتين الصويا جميعها رائعة للحصول على مزيد من البروتينات النباتية الصحية في الغذاء دون الحصول على سعرات حرارية غير ضرورية، فإنَّ المكسرات والبذور والبقوليات غنية بالبروتين، وتحتوي على دهون صحية ضرورية أيضاً لصحة الدماغ، حتى الخضار الورقية الخضراء قد توفِّر كمية لا بأس بها من البروتين، إضافة إلى العناصر الغذائية الأخرى الضرورية لصحة الدماغ.

عندما تستهلك الكربوهيدرات، احرص على تناول الكربوهيدرات المعقدة؛ لأنَّها غالباً ما توفِّر بعض البروتين، إضافة إلى العناصر الغذائية القيِّمة الأخرى، دون أن ترفع سكر الدم بسرعة، كالسكر، والكربوهيدرات المكررة؛ إذ يمكن العثور على الكربوهيدرات المعقَّدة في الخضار النشوية والحبوب الكاملة.

في الختام:

عند اختيار نظام غذائي صحي، فإنَّ التنوع هو الأساس لضمان حصولك على جميع العناصر الغذائية التي يحتاج إليها جسمك؛ إذ لا يختلف الأمر في ذلك فيما يتعلَّق بالبروتين، فيحتاج دماغك إلى مجموعة متنوعة من الأحماض الأمينية المختلفة لإنتاج الناقلات العصبية والإنزيمات والهرمونات والنسيج الضام.

تحتوي الأنواع المختلفة من البروتينات على أحماض أمينية مختلفة بكميات متفاوتة، إضافةً إلى ذلك، لا يستطيع جسمك تخزين البروتين بالطريقة التي يخزِّن بها الدهون، ومع أنَّ البروتين يدور في مجرى الدم لبضعة أيام، فإنَّه يجب تجديده يومياً للحفاظ على المخزون الذي تحتاج إليه.

احرص على تنويع مصادر البروتين خلال الأسبوع حتى يتمكَّن دماغك من الحصول على الأحماض الأمينية المختلفة التي يحتاج إليها لأداء مهام معيَّنة، وتذكَّر أنَّ عقلك آلة رائعة تستطيع الاعتناء بنفسها، شريطة أن تزودها بالمواد الخام المناسبة.


اكتشاف المزيد من موقع تدخين الطبخ

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من موقع تدخين الطبخ

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading