الثقافة الصحية

متلازمة غيلان باريه: الأعراض والأسباب والعلاج


وُصف هذا الاضطراب لأول مرة عام 1859م، وشخَّصه كل من “جورج غيلان” و”جان ألكسندر باريه” و”أندريه ستروهل” لدى جنديين وقالوا إنَّ المشكلة هي تفكك ألبوميني خلوي في زيادة تركيز بروتين السائل الشوكي مع وجود عدد طبيعي من الخلايا، وكان ذلك في عام 1916م.

في عام 1956م وصف “تشارلز فيشر” طبيب الأعصاب من الأصل الكندي النوع الفرعي، أما طبيب الأعصاب البريطاني “إدوين” قدَّم مساهمة ورقية بحثية قائلاً إنَّه نوع التهاب جذع الدماغ، وكان “غيلان” قد شرح ووثق هذه التسميات قبل توصيفها من قِبل الأطباء وإيجادهم لأنواع فرعية منها، مثل النوع الذي يتضمن ترنحاً نقياً، وذلك النوع المسبب للضعف البلعومي والفرعي المحوري.

في سبعينيات القرن العشرين المواكب لانتشار إنفلونزا الخنازير وسلسلة التطعيم، طُورت معايير التشخيص، والتشخيص في علم الطب هو التعيين والتمييز؛ أي توصيف الحالة وتعيين المرض الكامن وراء الأعراض، وغالباً ما يكون صعباً في حال تداخل العلامات والأعراض، ومن هنا وُضع التعريف العام لمتلازمة “غيلان باريه” التي وُصفت بأنَّها (ضعف عضلي سريع الظهور يحدث نتيجة لضرر في الجهاز العصبي المحيطي يسببه الجهاز المناعي).

لقد عُرِّفَت أيضاً بأنَّها (اضطراب نادر تتم فيه مهاجمة الأعصاب الطرفية بواسطة الجهاز المناعي، وهذا يؤدي إلى تلفها، ويصيب مختلف الأعمار ولكنَّه يصيب البالغين أكثر من غيرهم، وله درجات متفاوتة من الضعف، وعلى الرغم من حدوثه النادر، إلا أنَّه قد يؤدي إلى شلل في الجسم بشكل كامل).

أنواع متلازمة غيلان باريه:

تعددت أنواع هذه المتلازمة وذُكرت حسب الأكثر شيوعاً وهذه الأنواع هي:

  1. التهاب الأعصاب الحاد المزيل للنخاعين، وهنا ضعف العضلات يبدأ من أسفل الجسم إلى الأعلى.
  2. متلازمة ميلر فيشر، ويصيب هذا النوع أعصاب العين ويسبب اضطرابات في المشي.
  3. الاعتلال العصبي المحوري الحركي الحاد.
  4. الاعتلال العصبي المحوري الحسي الحركي الحاد.

أسباب متلازمة غيلان باريه:

لا يوجد سبب رئيس واضح للإصابة بمتلازمة “غيلان باريه” حتى الآن، فقد يقوم الجهاز المناعي بمهاجمة الخلايا العصبية بدلاً من البكتيريا، كما رجح بعضهم أنَّ الإصابة من المحتمل أن تعود لأمور أخرى مثل تعرُّض الرئة أو الجهاز الهضمي للعدوى، ومهما كانت الاحتمالات يمكن عرض أكثر الأسباب المرجحة للإصابة بهذا المتلازمة، وأهم هذه الأسباب هي (العدوى) التي من المحتمل أن تكون جرثومية أو فيروسية أو قد تكون ناتجة عن إعطاء التطعيم أو إجراء عملية جراحية.

السبب الأهم للإصابة بهذه المتلازمة هو العدوى التي قد تصيب الجهاز الهضمي أو الرئتين، وأكد الغالبية أنَّ معظم الحالات سببها العدوى، قُدرت 60% من الإصابات بمتلازمة “باريه” ناجمة عن هذا السبب، وتظهر أعراضه بعد فترة تتراوح بين أيام وبضعة أسابيع عقب إصابة الجهاز الهضمي أو التنفس.

تعد (بكتيريا العطيفة) المنتشرة في الدواجن غير المعقمة أبرز مسبب للعدوى، كما وُجدت نواقل كثيرة لهذه العدوى مثل:

  1. فيروس الأنفلونزا.
  2. فيروس زيكا.
  3. الفيروس المضخم للخلايا.
  4. المفطورة الرئوية.
  5. فيروس إيبشتاين بار.
  6. التهاب الكبد بأنواعه A, B, C, D.
  7. الإصابة الجسدية.
  8. لمفومة هود جكين.
  9. الجراحة.
  10. نقص المناعة البشري المسبب للإيدز.
  11. لقاحات الإنفلونزا أو لقاحات الأطفال.
  12. فيروس كوفيد.
  13. لقاح جونس آن جونس.

أعراض متلازمة غيلان باريه:

1. الضعف العضلي أو ما يسمى الانتكاس:

يعاني نسبة قليلة من مصابي متلازمة “غيلان باريه” من الانتكاس، ويمكن أن يتعرضوا لهذا الضعف حتى بعد سنوات من زوال الأعراض.

2. الخدر في الأطراف:

يعد الخدر في الأطراف من الأعراض الأكثر شيوعاً، ويظهر هذا العارض عند الغالبية من المرضى، وقد يتعافون من المتلازمة لكن يبقى هناك شعور طفيف بالخدر أو الوخز أو الضعف.

3. اضطراب النظم القلبي:

من الأعراض الشائعة أيضاً لمتلازمة “غيلان باريه” تقلبات ضغط الدم واضطراب نظم القلب.

4. الجلطات الدموية أو عدم القدرة على الحركة:

نتيجة الإصابة بمتلازمة “غيلان باريه” يصبح الأشخاص عاجزين عن الحركة وعرضة للإصابة بالجلطات، لذلك يوصى بأخذ مميعات الدم.

5. مشكلات في عمل الأمعاء والمثانة:

قد يتعرض مريض متلازمة “غيلان باريه” لمشكلات في الأمعاء والمثانة، فقد ينتج عن ذلك احتباس البول وتباطؤ التبرز أو ما يسمى بالإمساك.

6. ألم عصبي شديد:

يشعر معظم مرضى متلازمة “غيلان” بألم عصبي شديد ويمكن السيطرة عليه بالأدوية المسكنة.

7. صعوبة في التنفس:

يحدث أن يتعرض مصابو متلازمة “غيلان” لصعوبة في التنفس، وذلك يؤدي إلى مضاعفات قاتلة نتيجة شلل أو ضعف الأعضاء المنظمة لعملية التنفس، وتتم مساعدتهم باستخدام جهاز تنفس خلال الفترة الأولى.

8. قراح الفراش أو القرح الناتج عن ضغط الدم:

عدم الحركة يجعل المصاب عرضة للإصابة بقرح ضغط الدم، لذلك عند وجود هذا العارض يجب تصحيح الوضع وتخفيف الضغط على المنطقة المصابة والعناية بالجروح وتخفيف الألم والاستمرار بالتغذية الجيدة.

إنَّ تلك الأعراض السابقة لمتلازمة “غيلان باريه” تزيد من خطورة وقوع مضاعفات على الأمد البعيد بدرجة كبيرة، وقد يؤدي بعضها إلى الوفاة، وانطلاقاً من ذلك يمكن حصر الأعراض في مفردات بسيطة أقرب لاستيعاب القارئ وهي:

  • صعوبة في التنفس.
  • تسارع ضربات القلب.
  • انخفاض ضغط الدم أو ارتفاعه.
  • عدم التوازن في أثناء المشي.
  • الإحساس بالوخز والتنميل والخدر.
  • صعوبة في حركة العينين أو الوجه.
  • القرح الناتج عن ضغط الدم.

علاج متلازمة غيلان باريه:

بحث الأطباء عن علاجات لمتلازمة “غيلان باريه”، وتم تصنيفها بأنَّها مرض مناعي، ولم يحددوا علاجاً له؛ وإنَّما قيل إنَّه يعالَج من تلقاء نفسه، لكن تتم معالجة الأعراض المصاحبة له فقط من أجل منع تفاقمها، وذلك من مبدأ الوقاية خير من العلاج بهدف التقليل من حدة المرض ومضاعفاته لعدم وجود علاج جذري لهذه المتلازمة، وفي حال أثبت التشخيص وجود المتلازمة وجب مباشرة العلاج بالطرائق المتاحة وهي:

علاج متلازمة غيلان باريه

1. العلاج الطبيعي:

يرى الأطباء أنَّه يجب على المريض خلال العلاج الطبيعي تناول مسكنات تخفف الألم الشديد وبعض الأدوية التي تقي من الجلطات، وذلك بسبب قلة الحركة، ومن ثم يجب على المريض الحصول على مساعدة بدنية تتضمن مثلاً تحريك الساقين والذراعين؛ أي العلاج الفيزيائي للحفاظ على ليونة ومرونة العضلات وقوَّتها، وهذا النوع من العلاج الطبيعي يساعد المصاب على التغلب على الإرهاق واستعادة القوة والقدرة على الانتقال من مكان إلى آخر.

2. العلاج بفصادة الدم:

يقصد بهذا النوع من العلاج تبادل البلازما التي تعمل على التحكم بالجهاز المناعي؛ إذ يتم فصل البلازما عن خلايا الدم، ومن ثم إزالة الأجسام المضادة التي تهاجم الخلايا العصبية، وبعد ذلك تعاد هذه الخلايا مرة أخرى إلى جسم المصاب، وذلك بهدف إنتاج المزيد منها.

3. العلاج بالجلوبيولين المناعي في الوريد:

يحتوي الجلوبيولين على أجسام مضادة سليمة من متبرعي الدم وتعطى حقن وريدية، وتقوم الجرعات العالية منه بمنع الأجسام المضادة الضارة التي تسبب الإصابة بمتلازمة “غيلان باريه”.

لقد أكد الأطباء أنَّ مدة التعافي من متلازمة “غيلان باريه” تستغرق ستة أشهر إلى حدود السنة تقريباً، والحالات شديدة الخطورة منها قد تصل مدة علاجها إلى ثلاث سنوات، ونسبة الشفاء من متلازمة “غيلان باريه” عالية جداً؛ إذ يتماثل للشفاء أغلب المرضى، لكن هناك حالات شديدة ومزمنة قد لا تشفى بشكل كامل، وتُظهر الإحصاءات الخاصة بهذه المتلازمة أنَّ:

  • 80% من المصابين بهذه المتلازمة يستطيعون المشي دون مساعدة بعد ستة أشهر بعد تشخيص الإصابة.
  • 60% يستعيدون نشاطهم الحركي بعد سنة واحدة من تشخيص الإصابة.
  • 5% إلى 10% من المصابين لا يتماثلون للشفاء بشكل كامل.

نصح الأطباء بضرورة الاعتياد على الحركة المحدودة والشعور بالتعب والحفاظ على نظام دعم من خلال الأصدقاء والأسرة.

في الختام:

متلازمة “غيلان باريه” هي اضطراب نادر الحدوث يهاجم الجهاز المناعي للإنسان والأعصاب، ولم يستطع العلماء أو الأطباء تحديد طرائق علاجه أو إيجاد دواء خاص لعلاج هذه المتلازمة؛ بل قدموا مجموعة من العلاجات التي تعمل على تخفيف أعراضه من الألم والتجلطات فقط، ومن ثم تقصير مدة المرض.

على الرغم من أنَّ معظم المرضى يتماثلون للشفاء، إلا أنَّ بعض الحالات الشديدة قد تؤدي إلى الوفاة؛ لذا لا يجب إهمال الأعراض الأولى لهذه المتلازمة التي غالباً ما تبدأ بتنميل وضعف في الأطراف السفلية (القدمين والساقين)، ومن ثم ينتقل إلى الأطراف العلوية (الجسم واليدين)، فيجب مراجعة الطبيب على الفور من أجل تلقي العلاجات المناسبة، وعدم السماح للأعراض بالتطور والسماح لهذا الضعف بالتطور والتحول إلى ضعف العضلات، ومن ثم الإصابة بالشلل.


اكتشاف المزيد من موقع تدخين الطبخ

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من موقع تدخين الطبخ

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading