تطوير الرعاية الصحية المنزلية لتلبية احتياجات المرضى
جدة: د. عبد الحفيظ يحيى خوجة
شهدت مدينة جدة، خلال الأسبوع الماضي في الفترة 6 – 8 ديسمبر (كانون الأول) الحالي فعاليات مؤتمر «سلام الدولي الثاني للرعاية الصحية المنزلية»، الذي أقيم بالتعاون مع فرع الجمعية السعودية لطب الأسرة والمجتمع بمحافظة جدة ونظمه ملتقى الخبرات لتنظيم المعارض والمؤتمرات الطبية »FEXC»، وحضره جمع كبير ومتميز من الكوادر الطبية والمسؤولين من مختلف الهيئات والجمعيات والمنظمات العلمية المحلية والإقليمية والدولية.
– رعاية صحية منزلية
ووفقاً لرئيس المؤتمر الدكتور وائل كعوش، رئيس مجلس إدارة شركة سلام للرعاية المنزلية، فإن المؤتمر هو النسخة الثانية للمؤتمر والذي يقام تحت شعار «الرعاية الطبية المنزلية، دعم التحول… وتشكيل المستقبل». ويحرص على إبراز أهمية الرعاية الصحية المنزلية، خاصة بعد ما تحقق من نجاح تكلل بصناعة نموذج متكامل للرعاية الصحية المنزلية يُلبي احتياجات المرضى على أعلى مستويات، وتُوج بحصول سلام على شهادة اعتماد الجودة من الـJCI كأول شركة متخصصة ومستقلة تحصل على هذا التصنيف في بلادنا.
في حديثه إلى «صحتك» أكد الدكتور أشرف عبد القيوم أمير، استشاري طب الأسرة نائب رئيس الجمعية السعودية لطب الأسرة والمجتمع، بأن الرعاية الصحية المنزلية تعدّ من أهم أنواع الخدمات الصحية والعلاجية التي تقدم للمرضى في منازلهم. ومثل هذه اللقاءات العلمية المهمة تسهم في ربط الأطباء بمستجدات الرعاية الصحية المنزلية. وأضاف، أن هذا المؤتمر حظي بدعم ومشاركة العديد من الجمعيات والمنظمات العلمية والطبية من داخل المملكة وخارجها، وفي مقدمتها مجلس الضمان الصحي والمجلس الصحي السعودي، بالإضافة إلى المنظمة الدولية لشرق حوض البحر الأبيض المتوسط لطب الأسرة والمجتمع (أونكا)، والملتقى الصحي السعودي الهندي وغيرها، منوهاً أي تقديم أكثر من 48 بحثاً وورقة عمل طوال فترة المؤتمر.
– الرعاية التلطيفية
تحدثت في المؤتمر الدكتورة أريج غازي مطر، استشاري طب الرعاية التلطيفية والطب الباطني مدير خدمة الرعاية الصحية المنزلية بمستشفى المدينة الطبية بالرياض، وأوضحت، أن الرعاية التلطيفية تعد واحدة من مجالات الرعاية الطبية، التي تهتم بتخفيف معاناة المرضى.
ويعد الطب التلطيفي نهجاً مناسباً للمرضى في مراحل المرض كافة، بمن فيهم الأشخاص الذين يخضعون للعلاج من الأمراض التي يمكن الشفاء منها وأولئك الذين يعانون من الأمراض المزمنة والأشخاص الذين يعانون من الأمراض التي تقربهم من الموت.
تصف منظمة الصحة العالمية الطب التلطيفي، وفقاً لما هو منشور على موقعها الإلكتروني عبر الإنترنت، بأنه نهج يعني بتحسين جودة حياة المرضى وأسرهم ممن يواجهون مشاكل ترتبط بأمراض تهدد حياتهم، عبر منع وتخفيف معاناتهم بالكشف المبكر والتقييم الذي لا تشوبه شائبة ومعالجة الآلام وباقي المشكلات سواء كانت بدنية، نفسية أو روحية.
ويرتكز هذا النوع من الطب على الأطباء، الصيادلة، الممرضات، رجال الدين، الاختصاصيين الاجتماعيين، الأطباء النفسيين ومختصين آخرين لوضع خطة رعاية تخفف معاناة المرضى.
ويتألف الطب التلطيفي من جوانب عدة، أولها الرعاية البدنية التي تتألف من شقين، هما علاج الألم من خلال تحديد مصادره ومن ثم تخفيفها عبر استعمال بعض الأدوية التي تتراوح ما بين المسكنات البسيطة أو المسكنات المتوسطة أو المسكنات القوية. وكذلك علاج الأعراض غير المؤلمة، التي تشمل الغثيان والضعف العام والاختلال العقلي، ومشاكل الأمعاء أو المثانة وبعض صعوبات التنفس وغيرها.
وثاني الجوانب هي الرعاية النفسية، وتنطوي على المساعدة في علاج الاكتئاب والحزن ومشاكل الصحة العقلية التي قد تحتاج إلى علاج دوائي أو غيره. والجانب الثالث هو الرعاية الروحية، التي تعني بتوفير الاحتياجات الدينية: ويشمل ذلك دعم ونصح رجال الدين للشخص نفسه أو عائلته أو من خلال سد الثغرات التي بداخلهم إذا كانوا في حاجة إليها.
– مشاكل كبار السن
> اضطرابات النوم. يقول الدكتور مانع مبارك عبد الرحمن الشهراني، استشاري طب الأسرة وطب النوم بمستشفى الملك فهد بالمدينة الطبية بالرياض، إن اضطرابات النوم تعدّ من إحدى المشاكل التي يعاني منها كبار السن بشكل خاص ويعود ذلك لأسباب عدة، منها التغيير الفسيولوجي الحاصل مع تقدم العمر، وجود بعض الأمراض المزمنة، وجود الأمراض النفسية، حيث تظهر بعض الدراسات أن نحو 60 في المائة من كبار السن قد يشتكون من أعراض الأرق كأحد أشهر اضطرابات النوم. كما يعدّ انقطاع التنفس الانسدادي من اضطرابات النوم الشائعة لدى كبار السن، إضافة إلى اضطرابات الساعة البيولوجية والتي قد يعاني منها كبار السن أيضاً.
> مرض الكلى المزمن والسكري. قدمت الدكتورة علياء حسين الزواوي، استشاري طب الأسرة مدير التدريب في مركز الرعاية الصحية بمدينة الملك عبد العزيز الطبية بالرياض، محاضرة اشتملت على مجموعة من النصائح والوسائل (TIPS) عند التعامل مع مرض الكلى المزمن لدى مرضى السكري المسنين، ومنها: أولاً، التعرف على المرضى المعرّضين لخطر الإصابة بأمراض الكلى المزمنة مبكراً. وثانياً، تشخيص حالة المريض بمرض الكلى المزمن والتعرف على مراحل مرض الكلى المزمن.
وحول متابعة تطور مرض الكلى المزمن، أضافت الدكتورة علياء الزواوي، أن الجزء الأكثر أهمية في رعاية مريض السكري هو الاهتمام إذا كان تطور وظائف الكلى لديه، من خلال النظر إلى البيلة الألبومينية، أو تشوهات رواسب البول، أو نتائج التصوير الكلوي غير الطبيعية، أو اختلالات الإلكتروليت أو الحمض القاعدي، أو معدل الترشيح الكبيبي (GFR) أقل من 60 مل في الدقيقة لكل 1.73م2، فيجب التالي:
– أن ينظر الطبيب المعالج الرئيسي في الأعراض السريرية ويسأل عن ارتفاع ضغط الدم ووجود وذمة، التهاب، حكة، الفواق (Hiccups)، أعراض اليوريا، البيلة الدموية الإجمالية، وألم الخاصرة.
– يجب أن يطلب طبيب المختبر الرئيسي من المرضى الذين يعانون من مرض الكلى المزمن أن يتم لهم قياس الهيموغلوبين في الدم على الأقل سنوياً، وفي كثير من الأحيان اعتماداً على شدة مرض الكلى المزمن. لا ينبغي إجراء التقييم الروتيني لكثافة العظام في المرضى الذين لديهم معدل الترشيح الكبيبي (GFR) أقل من 45مل في الدقيقة لكل 1.73م2؛ لأن النتائج قد تكون غير دقيقة. يجب أن يشمل تقييم المرضى الذين يعانون من المرحلة (3 إلى 5) من مرض الكلى المزمن (CKD) ويكون لديهم تقدير (GFR) أقل من 45مل في الدقيقة لكل 1.73م2 – على قياس الكالسيوم في الدم، الفوسفور، هرمون الغدة الجار درقية، الفوسفاتاز القلوي، ومستويات 25 – هيدروكسي فيتامين دي.
– يجب إحالة أو استشارة طب الكلى في حالة كان معدل الترشيح الكبيبي (GFR) للمرضى المصابين أقل من 30مل في الدقيقة لكل 1.73م2، أو كانت نسبة الزلال – الكرياتينين في البول المستمر أكبر من 300 ملغم لكل جرام، أو كانت نسبة البروتين – الكرياتينين أكبر من 500ملغم لكل غرام، أو لم يتم السيطرة على ضغط الدم باستخدام ثلاثة عقاقير على الأقل من أدوية ضغط الدم؛ لأن ذلك هو دليل على فقدان سريع لوظائف الكلى.
– اتباع نهج متعدد التخصصات بين أطباء الرعاية الأولية وأطباء الكلى والاختصاصيين الفرعيين الآخرين (مثل التغذية، التثقيف الصحي) لتنفيذ التدخلات المبكرة، وتوفير التعليم، فهو مفتاح الإدارة الفعالة في التخطيط لمرض الكلى المتقدم.
– يوصى بإجراء تعديلات على نمط الحياة في النظام الغذائي والعلاجي كجزء من استراتيجية شاملة لخفض ضغط الدم وتقليل مخاطر الأمراض القلبية الوعائية في مرض الكلى المزمن، ومنها:
> تناول أقل من 2غرام من الصوديوم – يوم.
> اتباع نظام DASH الغذائي (الفواكه والخضراوات والبقوليات والأسماك والدواجن والحبوب الكاملة) فهو الأمثل لمعظم مرضى الكلى المزمن.
> البروتين الغذائي 0.8 غم – كلغم – يوم – قد يبطئ من تطور مرض الكلى المزمن.
> الكالسيوم الغذائي 1500ملغم – الفوسفات الغذائي والبوتاسيوم – القائم على الحد عند تركيز المصل.
– عندما يتعذر على المرضى الذين يعانون من مرض الكلى المزمن (CKD) الحفاظ على كمية كافية من السوائل أثناء المرض (مثل التهاب المعدة والأمعاء والإنفلونزا)، فإنهم يصبحون معرضين لخطر نضوب أو انخفاض الحجم، يجب إيقاف الأدوية التي يحتمل أن تكون سامة للكلية أو تفرز عن طريق الكلى حتى يتعافى المريض. من المهم تزويد المرضى بقائمة الأدوية الخاصة بالأيام المرضية.
– التحصين عندما يكون (GFR) أقل من 30مل – دقيقة في المرحلتين 4.5، وخصوصاً: الانفلونزا سنويا – لقاح المكورات الرئوية – سلسلة Hep B – لقاح الحصبة.
– توصيات المؤتمر
اختتم مؤتمر سلام الدولي الثاني للرعاية الصحية المنزلية، بجلسة ختامية تلى فيها الدكتور أشرف أمير، نائب رئيس الجمعية السعودية لطب الأسرة والمجتمع، التوصيات التي تمخضت عن 48 ورقة علمية وبحثية قدمت في 15 جلسة علمية على مدار 3 أيام على النحو التالي:
– تعدّ الرعاية الصحية المنزلية ركيزة أساسية في تطوير النظام الصحي بالمملكة كونها، إضافة مهمة لقيمة الخدمة الصحية للمريض وعائلته والكادر الطبي والنظام الصحي لتحقيق «رؤية 2030».
– تحتاج الرعاية الصحية المنزلية حالياً إلى التوسع في نشر خدماتها لتصل إلى كل المستفيدين في أنحاء المملكة بجودة عالمية وقيمة عالية، ولسد الفجوة بين ازدياد الطلب وعجز المقدم من الخدمات، تحتاج الجهات ذات العلاقة إلى تشجيع الاستثمار وجذب المستثمرين في القطاع الصحي الخاص.
– يدعو المؤتمر بأن تعتمد الهيئة السعودية للتخصصات الصحية ترخيص فئة جديدة (مساعدة ممرضة) لحل مشكلة العجز في توفير القوى العاملة المطلوبة من فئة التمريض، خاصة أن كثيراً من الخدمات الصحية المنزلية لا تحتاج إلى تمريض محترف مهنياً ومصنف كممرضة مسجله وأيضاً إيجاد وظيفية جديدة (مساعد طبيب).
– أن تشجع الهيئة السعودية للتخصصات الصحية تدريب وتعليم الممارسين الصحيين في مجال الرعاية الصحية المنزلية لتوفير المهارات الخاصة والتدريب المقنن الذي يحتاج إلى الممارس في هذا المجال.
– أن يقوم المركز السعودي لاعتماد المنشآت الصحية CBAHI على إيجاد شهادة جودة خاصة بالطب المنزلي تهدف إلى تطبيق معايير الجودة وتقييم مخرجات الخدمات الصحية وتجربة المريض ودراسة درجة رضاء المريض تجاه الخدمات المقدمة، وتكون هذه الشهادة ضمن شروط ترخيص المنشأة التي تقدم خدمة الرعاية المنزلية.
– أن يقوم مجلس الضمان الصحي التعاوني على تطوير سياسات تقديم الخدمات بالوثيقة التأمينية الموحدة وإضافة المزيد من خدمات الرعاية الصحية المنزلية لتصبح متكاملة في مضمونها وشاملة في مكوناتها كل الجوانب الصحية الوقائية والعلاجية والتأهيلية.
– أن تقوم وزارة الصحة بتوعية المجتمع لتقبل خدمات الرعاية الصحية المنزلية والتعرف على جودتها وإيجابياتها في كل ما يتعلق بالخدمات الطبية الوقائية والعلاجية ومتابعة وعلاج الأمراض المزمنة بالمنزل.
– أن تشجع الجامعات والمعاهد الصحية عمل البحوث والدراسات الطبية والعلمية لتحليل القيمة المضافة للرعاية الطبية المنزلية.
– أن تتبنى شركات التأمين الطبي دعم وتطبيق برنامج الرعاية المنزلية المتكامل للأمراض المزمنة (ارتفاع ضغط الدم، السكري، ارتفاع الدهون بالدم، الانسداد الشعبي الرئوي، ومرضى الفشل الكلوي وغيرها).
– وضع مستهدف «سلامة المريض» في كل سياسات وإجراءات العمل في الرعاية المنزلية.
– معايير الجودة في الرعاية الصحية المنزلية… الطريق إلى التميز
هذا عنوان محاضرة الدكتورة ليزا صلاح الدين حاج حسن، مدير مجموعة خدمات تحديد جودة المواقع في دولة الإمارات، والتي قدمتها في المؤتمر. يستخدم مقدمو الرعاية مقاييس الجودة للإبلاغ عن كيفية رعايتهم للعملاء وتعزيز النتائج الصحية في الرعاية المنزلية؛ وذلك لتحقيق التميز، وهو التزام يجب أن يضعه القادة لقبول التغييرات والاستثمار في تطوير الأفراد وتحسين العمليات، وذلك بناءً على المعايير المناسبة والمعايير الدولية.
لا يمكن أن يكون نجاح أي إنجاز للتميز المؤسسي إلا من خلال التنفيذ السليم لمقاييس الجودة التي إذا تمت إدارتها بشكل جيد وقياسها ومراقبتها والتحكم فيها بشكل فعال، فسيتم حصاد النتائج الجيدة، وستتخذ المنظمة الاتجاه الصحيح نحو النمو المستدام.
مع تزايد الحاجة إلى الرعاية الصحية المنزل، أخذت شركات التأمين تشعر بالحاجة إلى القيام بترتيبات الرعاية القائمة على القيمة مع مقدمي خدمة الرعاية الصحية المنزلية الذين لديهم قياسات الجودة المعمول بها.
وهذا يقودنا إلى سؤال: لماذا نحتاج إلى قياس جودة الرعاية الصحية المنزلية؟ يقوم قادة الرعاية المنزلية بتنفيذ تدابير الجودة على مستوى المنشأة التي تتعلق بالخدمات التي تقدمها بما في ذلك أي خدمات متعاقد عليها يكونون مسؤولين عنها. وذلك لتقليل التباين وتحسين العمليات داخل الخدمات التي تقدمها المنشأة، بما في ذلك تنفيذ تدابير سريرية محددة جيدا وقائمة على الأدلة والتي يتم اختيارها بناءً على الحاجة إلى التحسين ودفع منشأة الرعاية الصحية المنزلية إلى الأمام.
تكون مؤشرات الأداء للرعاية الصحية المنزلية أكثر فاعلية عندما يكون جميع الموظفين على دراية بها ويستخدمون هذه البيانات لتحسين أدائهم. قياس جهد الموظف والحفاظ على دوافعه من خلال قياس ما إذا كان قد نجح أم لا في الوصول إلى معايير الإنتاجية الصحية المنزلية، وتحميله المسؤولية عن تحقيق أهداف أدائه.
وبعد ذكرنا أمثلة مختلفة، هناك سؤال يطرح نفسه: ما هي مؤشرات الأداء الرئيسية التي يجب أن تختارها؟
إن اختيار مؤشرات الأداء الرئيسية الصحيحة للرعاية الصحية المنزلية والتي يجب تتبعها يختلف بشكل كبير من منشأة إلى أخرى، وذلك اعتماداً على خططها وأهداف أدائها… بحيث يجب أن تعكس مؤشرات الأداء الرئيسية كلاً من الأهداف الملموسة والأولويات التنظيمية. لذلك؛ نحتاج إلى البدء بتحديد الأنشطة التي تؤثر على الأهداف والحفاظ عليها والتي يجب أن تكون ذكية: SMART
* محددة Specific – قابلة للقياس Measurable – يمكن تحقيقها. Attainable – واقعية.Realistic
وذلك تحقيقاً للهدف الذي نسعى إليه وهو رفع مستوى منشآت الرعاية الصحية المنزلية والوصول بها إلى التميز.
– استشاري طب المجتمع
اكتشاف المزيد من موقع تدخين الطبخ
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.