تأثير مُنتَجات الألبان على خطورة إصابة المرأة بسرطان الثدي
إن قرأتَ الأبحاث التي تتحدَّث عن الصلة التي تربط بين مُنتَجات الألبان وسرطان البروستات عند الرجال، فإنَّك لن تتفاجأ عندَها بأنَّ تلك المُنتجات تشكِّل أيضاً عامل خطر هام للإصابة بسرطان الثدي عند النساء.
عدم ارتقاء الحليب إلى مستوى الدعاية والترويج الكبير الذي يتلقَّاه:
لا بدَّ من أنَّنا جميعاً رأينا الصور التي يظهر فيها شاربٌ من الحليب على وجه أحد المشاهير والذي يستعرضُه متباهياً به في أثناء شربه لِما يعدُّه كثيرون مشروباً صحياً ومفيداً للصحة وخالياً من أيِّ ضرر، فقد كانَت حملةً تسويقية فعالةً للغاية.
لسوء الحظ، فقد كانت النتائج محيِّرة بالنسبة إلى الأشخاص الذين تسرَّعوا وانضموا بحماسة لتلك الحملة التي شجَّعَت على شرب مزيد من الحليب لفوائده البالغة على الصحة؛ كما عدَّت دراسةٌ نُشِرَت في “المجلَّة الدوليَّة لعلم الوبائيات” (International Journal of Epidemiology) في عام 2020 أنَّ زيادة استهلاك مُنتجات الألبان والحليب ليست قراراً صحياً فيما يتعلق بتطور السرطان، ولم تشجِّعْ عليها إطلاقاً.
كذلك فقد تتبَّع الباحثون 52,795 امرأةً من “أمريكا الشمالية” (North America) لِما يُقارب 8 سنوات لمعرفة تأثير منتجات الألبان (وفول الصويا) في احتمال إصابتهنَّ بسرطان الثدي؛ إذ تنحدر ثلثُ النساء المُشارِكات في الدراسة من أصل أسود، وقد كان متوسِّط أعمارهنَّ 57 سنةً.
شملَت نتائج الدراسة ما يأتي:
- تزداد خطورة الإصابة بسرطان الثدي بنسبة 30% تقريباً عند النساء اللواتي يشربْن الحليب بكميات قليلة بمقدار 1/4 إلى 1/3 كوباً يومياً.
- تزداد خطورة الإصابة بسرطان الثدي بنسبة تصل إلى 80% عند النساء اللواتي يشربْن 2-3 أكواب من الحليب يومياً.
- يرتبط شربُ الحليب ومُنتجات الألبان بارتفاع خطورة الإصابة بسرطان الثدي بصرف النظر عن محتواه من الدسم؛ ولذا لا أهمية لكونِه قليل الدسم أو غنياً بالدهون.
النتيجة هي ارتفاع خطورة الإصابة بسرطان الثدي بدرجة ملحوظة عند النساء اللاتي يشربْن كميات أكبر من الحليب ومُنتجات الألبان، كما توصَّل الباحثون أيضاً إلى ضرورة النظر بحذر كبير للإرشادات الوطنية الحالية المُتعلِّقة باستهلاك الألبان.
الإرشادات الأمريكية الحالية فيما يتعلق باستهلاك الألبان:
تُوصي الإرشادات التوجيهية الحالية في “الولايات المتحدة” (United states) الأطفالَ بعمر 9 سنوات وما فوق – وكذلك البالغين – بشرب 3 أكواب يومياً من الحليب قليل الدسم والخالي من الدسم وكذلك مُنتجات الألبان، ممَّا يتناقض بصورة صارخة مع نتائج أحدث الأبحاث العلمية المتعلقة بالصلة التي تربط بين منتجات الألبان وسرطان الثدي.
شاهد بالفديو: أطعمة خطيرة تعرضك للإصابة بمرض السرطان
مكوِّنات الحليب الضارة بالجسم:
صرَّح الدكتور “غاري إي. فريزر” (Gary E. Fraser) – وهو المُعد الرئيس للدراسة المذكورة سابقاً – بأنَّ الأسباب المُحتمَلة للصلة بين مُنتجات الألبان وسرطان الثدي قد يكون لها علاقة باحتواء الحليب ومُنتجات الألبان على الهرمونات الجنسية؛ إذ يقول “فريزر”: “إنَّ سرطان الثدي هو من السرطانات المُستجيبة للهرمونات، ولأنَّ 75% تقريباً من الأبقار الحَلوب تكون في فترة الحمل والإرضاع حين تُحلَب، فإنَّها تمرِّرُ الهرمونات المرتفِعة إلى حليبِها”.
يرتبط التناول الزائد لمُنتجات الألبان وغيرِها من البروتينات الحيوانية بارتفاع مستويات عامل النمو المُشابه للأنسولين-1 في الدم والذي يُعتقَد بأنَّه يحرِّض على الإصابة بأنواع مُعيَّنة من السرطان كسرطان البروستات عند الرجل، كما أنَّه يمتلك تأثيرات مُماثِلة لدى النساء، إضافة إلى إسهامه في عددٍ من السرطانات، وقد أُثبِتَ أنَّ شربَ الحليب وتناول مُنتجات الألبان بصورة مُنتظَمة ترفع من مستويات عامل النمو الشبيه بالأنسولين-1 في الدم.
لقد أُجرِيَت دراسة حديثة في جامعة “أكسفورد” (Oxford University) في شهر أيلول من عام 2020، حلَّل الباحثون فيها أكثر من 400,000 عينة دموية، ووجدوا أنَّ المشاركين قد أُصيبوا في النهاية بواحد من 30 نوعاً مُختلِفاً من أنواع السرطان الخبيثة في مدَّة وسطيَّة تُقدَّر بسبع سنوات فقط.
يُعَدُّ الإستروجين هرموناً موجوداً بصورة شائعة في حليب الأبقار الحلوب في مدة حملِها، وهو يفعِّل وينشِّط عامل النمو المُشابه للأنسولين-1، وقد أدركت بعض البلدان الحاجة الماسَّة لمنع وحظر حقن الحيوانات بالهرمونات، مثل هرمون السوماتوتروبين البقري الذي يُستخدم لتسمين الأبقار وزيادة أو تسريع إنتاج الحليب واللحوم إلَّا في حال استخدامها لمصلحة الحيوانات نفسِها؛ ولكنَّ “الولايات المتحدة” (United States) ليست من ضمن هذه الدول.
ما يمكن فعلُه لتفادي التأثيرات الضارة للحليب ومُنتجات الألبان الحيوانية:
يمكن الاعتمادُ على حليب النبات أو التفكير في بدائل الحليب الصحية الواردة في مقالات الكاتبة الأمريكية والرائدة في مجال التغذية “آن لويس جتلمان” (Ann Louise Gittleman)؛ فإضافة إلى شرحها لأفضل المصادر الغنية بالكالسيوم، فإنَّها تشاركُنا وصفةً منزلية لكيفية صُنع الحليب من السمسم والتي ورَثَتها عن الدكتورة “هيزل بارسيلز” (Hazel Parcells) وهي اختصاصية تغذية رائدة عاشَت حتى بلغَت 106 من عمرها.
لستِ وحيدة في مواجهة السرطان:
سنعرضُ فيما يأتي بعضَ القصص المُلهِمة من الحياة الواقعية لبعض الناجين من سرطان الثدي:
- نجحَت “باولا بلاك” (Paula Black) في القضاء على سرطان الثدي المتقدِّم دون الحاجة إلى أيِّ علاج كيميائي أو شعاعي أو أيِّ نوعٍ من الأدوية، وقد أُخبِرَت في البداية أنَّ أمامَها 3-6 أشهر لتعيشَ خلالَها فقط؛ ولكنَّها تمكَّنت من التغلُّب على السرطان وما زالت بعد 22 سنة نابضةً بالحياة دون أيِّ نُكسٍ للمرض.
- شُخِّصَت إصابة “جيني برادلي” (Jenny Bradley) بالسرطانة القنوية الغازية في الثدي، وقد كانت منذ ذلك الحين مثابرةً ومُجتهِدة في سعيها إلى البحث عن علاجات شاملةٍ وتكاملية للسرطان، وتُعَدُّ بذلك دليلاً حياً على إمكانية التغلب على هذا المرض.
- أمَّا بالنسبة إلى “كيرستين ناسغروبير” (Kirstin Nussgruber) الناجية من السرطان مرتين مُتتاليَتين فهي خبيرة تغذية شاملة، وتُشارك مع الآخرين الأساليب والمناهج الطبية التكاملية والمُلائمة التي استخدمتها إلى جانب العلاج التقليديِّ المُتعارَف عليه للقضاء على السرطان الذي أصابَها وهزيمته.
- شُخِّصَت إصابة “إلين جايكوبس” (Elyn Jacobs) بالمرحلة الأولى من سرطان الثدي لأوَّل مرة في عام 2007، وقد خضعَت عندَها لاستئصال ثدي ثنائي الجانب، ورغم تأكيد الخبراء الطبيين لها بأنَّه لا تُوجَد أيِّ فرصة لعودة السرطان عملياً إلَّا أنَّه عاود الظهور لديها، وقد كان في المرحلة الثالثة هذه المرة؛ ولكنَّها تشاركُ أفكارَها عن أهمية علاج الأسباب الجذرية للسرطان وهو ما أهملَه أطبَّاؤها في المرة الأولى حسبَ قولها.
- أمضَت “كاثي ميدليخ بيرو” (Kathy Mydlach Bero) ثماني عشرة سنة مدافعةً عن النظام البيئي وداعيةً لحمايته كما سافرَت بكثرة لتعليم المهارات القيادية للنساء حول العالم قبل أن تستقرَّ مع عائلتها في مزرعةٍ، وقد اعتقدَت أنَّ ما تحتاجُه بالضبط لتستعيد صحَّتها الجيدة هو أسلوب الحياة الريفي المثالي؛ ومن ثَمَّ فقد شعرَت بمفاجأةٍ كبيرة حين شُخصت إصابتها بسرطانَين نادرَين وفي مرحلة متأخرة للغاية؛ ولكنَّها ثابرت وانتصرَت في معركتها ضدَّ السرطان.
- تتحدَّثُ الناجية من السرطان “دانييل ووذرسبون” (Danielle Wotherspoon) -وهي من “جنوب إفريقيا” (South Africa)- بصراحةٍ عن تجربتها في شفاء نفسِها ذاتياً من المرحلة 3 لسرطان الثدي باستخدام الوسائل العلاجية الشمولية فقط، ولم تُرِدْ أن تحمِّلَ زوجَها عبءَ مرضها وتُثقِلَ كاهلَه بسبب إصابته بالتسمم الزئبقي ومرضه الشديد أيضاً، ولكن لم يكُن لديها خيارٌ آخر بسبب استمرار نموُّ الورم في ثديها.
لقد وعدَها الأطباء بأن تعيشَ خمسَ سنوات في حال خضوعِها لعلاجات السرطان التقليدية من علاج كيميائي وشعاعي وجراحي؛ ولكنَّها اختارَت عدم الخضوع لأيٍّ من هذه العلاجات ووجدَت عوضاً عن ذلك أحد اختصاصيي الطب التكاملي الذي تثقُ به، وتشارك اليومَ قصتها مع الآخرين عن كيفية تغييرها لمجرى الأمور وشفائها وعدم رجوع السرطان إليها حتى يومنا هذا.
- شُخِّصَت إصابة “آن فونفا” (Ann Fonfa) بالسرطانة الفُصيصية الغَزوية في عمر 44 عاماً، وهي من أنواع السرطان بطيئة النمو داخل الثدي، وقد رفضَت التوصيات المتعلِّقة بالعلاج الكيميائي والشعاعي التقليدي واختارَت الطرائق الطبيعية للعلاج بدلاً عن ذلك، وتشارك الآن هذه الطرائق التي تمتَّعَت من خلالها بالشفاء التام.
انطلَقت “جيني هيرباشيك” (Jenny Hrbacek) في رحلةٍ غيَّرَت حياتها للأبد حين شُخصَت إصابتها بسرطان الثدي في عام 2009، وألَّفَت كتاب “هل أنت متأكد من أنَّ حياتك خالية من السرطان؟” (Cancer-Free! Are You Sure?)، وهي الآن تكرِّسُ وقتَها وطاقتها لمساعدة الآخرين على اكتشاف الاختبارات التي يمكن أن تفيد في الكشف المبكر للسرطان قبل اكتشافِه بتصوير الثدي الشعاعي والخزعات والتصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني، ممَّا يمنح مزيداً من الوقت للتدخُّل بالعلاجات الشافية واتباع نظام غذائي صحي وعملية تطهير الجسم من السموم، وتُعَدُّ قصتها عن المحافظة على الصحة وترميمها مصدر إلهام للجميع.
اكتشاف المزيد من موقع تدخين الطبخ
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.