ما هو الدوار؟
فهنالك نوعان من الدوار: الدوار المحيطي، والدوار المركزي؛ إذ يحدث الدوار المحيطي بسبب خللٍ ما في الأذن الداخلية، وهي عضو صغير يتواصل مع الدماغ للتحكُّم في التوازن، وقد ينجم ذلك عن بعض الأدوية وإصابات الرأس، أمَّا الدوار المركزي فغالباً ما يحدث بسبب مشكلة في منطقة الدماغ التي تُعرف بالمخيخ، وهو المسؤول عن توازن الجسم، أو في جذع الدماغ، والذي ينقل الإشارات بين المخيخ والنخاع الشوكي، فقد تنجم هذه المشكلات عن السكتة الدماغية والصداع النصفي وأسباب أخرى.
أعراض وعلامات الدوار:
يتمثَّل العرض الرئيس للدوار بالشعور بالدوران، كما لو أنَّ البيئة المحيطة تتحرَّك أو حتى الجسد يتحرَّك مع أنَّه ساكنٌ في مكانه، وقد يشعر بعض الناس بالدوران في جميع الاتجاهات، وقد يشعر آخرون بأنَّ شيئاً ما يجذبهم إلى أحد الجانبين.
وقد يعاني الناس أحياناً من الدوار عندما يتقلَّبون في السرير أو يرفعون رؤوسهم، وخلال النوبة، قد يعاني المرضى من الغثيان والإقياء، ويواجهون صعوبة في الحفاظ على توازنهم، وقد يصابون أيضاً باضطراب في الرؤية يُسمَّى الرأرأة؛ إذ تتحرَّك العينان تحرُّكاً غير مضبوط، ممَّا يُفقد المريض القدرة على إدراك العمق.
فعندما تعاني من الدوار، حاول البقاء ساكناً تماماً، فقد يساعد ذلك على تخفيف الأعراض، وقد يؤدي تحريك الرأس، أو تغيير وضعية الجسم، أو الوقوف المفاجئ إلى تفاقم حالة الدوخة، فقد يوصيك الخبراء بالاتصال بالطبيب عندما تعاني من الدوار لأول مرة، وإذا كنت تحتاج إلى الذهاب إلى المستشفى، فقد تحتاج إلى المساعدة في المشي ويجب أن تتجنَّب القيادة أيضاً.
وقد تشمل الأعراض الأخرى للدوار المحيطي والمركزي ما يأتي:
- فقدان السمع.
- طنين الأذن.
- فقدان التوازن.
وقد يسبِّب الدوار المركزي تحديداً أعراضاً إضافية، تشمل:
- شلل في الوجه.
- ضعف في الأطراف.
- ازدواج الرؤية.
- تلعثم الكلام.
- صعوبة في البلع.
أسباب الدوار المحيطي:
ينجم الدوار المحيطي عن مشكلة ما في الأذن الداخلية، وهي عضو مسؤولٌ عن التحكُّم في التوازن، فهناك أنواع عدة من الدوار المحيطي، بما في ذلك:
1. دوار الوضعة الانتيابي الحميد:
وهو أكثر أنواع الدوار شيوعاً؛ إذ تحتوي الأذن الداخلية على قنوات مملوءة بالسائل، التي تُساعد على الحفاظ على توازنك، فعندما تتحطَّم الرواسب الصغيرة المحتوية على الكالسيوم وتطفو داخل هذه القنوات، فإنَّها تُخل بتوازنك، ويُصاب نحو واحد من كل 50 شخصاً بهذا النمط من الدوار، ويرتفع الخطر إذا أصيب الشخص سابقاً برضوض الرأس والتهاب تيه الأذن الداخلية، كما تُصبح أكثر عرضةً للإصابة إذا كان لديك سوابق عائلية.
2. داء مينيير (Ménière’s disease):
هو اضطراب في الأذن الداخلية، يُسبِّب مشكلات في التوازن والسمع، وقد يعاني المرضى من نوبات من الدوار الشديد التي قد تستمر من دقائق إلى ساعات حتى، فلم يتَّضح السبب بعد، ولكن قد يكون مرتبطاً بتراكم السوائل، وارتفاع الضغط في الأذن الداخلية نتيجةً لذلك؛ إذ لا يوجد علاج شافٍ للحالة، ولكن يمكنك تخفيف الأعراض باستخدام مضادات الغثيان وبعض التعديلات على نمط حياتك، وقد يُلجأ إلى جراحة الأذن في بعض الأحيان.
3. التهاب تيه الأذن:
ينجم عن عدوى فيروسية أو جرثومية، ويؤدي إلى تهيُّج أو تورُّم في الأذن الداخلية، ممَّا يُسبِّب الدوار وفقدان السمع وخلل التوازن، وعادةً ما يُشفى هذا الالتهاب في غضون بضعة أسابيع، وقد تُساعد مضادات الهيستامين ومضادات الغثيان في هذه الأثناء.
أسباب الدوار المركزي:
يحدث الدوار المركزي بسبب اضطراب ما في الدماغ؛ إذ تشمل بعض المسبِّبات الشائعة أمراض الأوعية الدموية، والصداع النصفي، والتصلُّب المتعدد، والاختلاجات، والسكتات الدماغية، والأورام.
وقد يُصاب مرضى الصداع النصفي بحالة خاصة تُعرف بالدوار المرتبط بالصداع النصفي، على الرَّغم من أنَّ الأعراض غالباً ما تهدأ بعد علاج الصداع.
تشخيص الدوار:
قد يصعب على الأطباء تحديد السبب الدقيق وراء الدوار، وقد لا يُدرك بعض المرضى أنَّهم يعانون من الدوار على الإطلاق، أو قد يخلطون بينه وبين الشعور بخفة الرأس أو الغشي، فمع أنَّ الدوخة تُشكِّل نحو 5% من جميع زيارات الرعاية الأولية، فإنَّ سبب الدوار يبقى مجهولاً عند نحو 20% من المرضى، وَفقاً لتقرير صدر عام 2010 في مجلة “أميريكان فاميلي ميدسين” (American Family Medicine).
فقد يبدأ الطبيب غالباً بالسؤال عن تاريخك المرضي وأدويتك الحالية، وهذا هام جداً، لأنَّ الدوار قد يكون عرضاً جانبياً لبعض الأدوية، ففي أثناء الفحص قد يسألك الطبيب أسئلة محددة بدقة عن أعراضك لكي يتأكَّد ما إذا كنت تعاني من الدوار أو نوع آخر من الدوخة.
وقد تشمل الاختبارات الشائعة الفحوص الدموية، وتخطيط الدماغ الكهربائي (EEG) الذي يقيس النشاط الكهربائي في الدماغ، واختبار التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) أو التصوير المقطعي المحوسب (CT)، وكلاهما يمكنه الكشف عن الأورام أو التشوهات الأخرى في الدماغ، أو حول الأذن الداخلية التي قد تكون سبباً لأعراضك.
وقد يصف لك الطبيب بعض الأدوية أو يوصيك ببعض التمارين الرياضية، وقد يُحيلك إلى أخصائي لإجراء اختبارات إضافية، وذلك اعتماداً على سبب الدوار.
علاج الدوار:
حاول الاستلقاء والبقاء ساكناً قدر الإمكان حتى يخف الإحساس بالدوار، وعليك أيضاً إطفاء أي أضواء ساطعة بما فيها التلفاز، وتجنَّب أيضاً الأنشطة المحفِّزة مثل القراءة، وكقاعدة عامة يجب أن تطلب الرعاية الطبية بسرعة إذا كنت تعاني من الدوار مترافقاً مع أعراض، مثل: الضعف العام، والإغماء، والإقياء المستمر.
فقد يحاول الأطباء أيضاً معالجة السبب الكامن وراء الدوار، على سبيل المثال، يجب علاج المرض الكامن الذي يسبِّب الأعراض عند مرضى الدوار المركزي، مثل السكتة الدماغية، أو أمراض الأوعية الدموية، وبالمثل غالباً ما يُبدي مرضى الدوار المرتبط بالصداع النصفي تحسُّناً في أعراضهم بعد علاج الصداع بأدوية، مثل: “البنزوديازيبينات” (Benzodiazepines)، أو “مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية” (SSRIs)، أو الاستغناء عن الكحول وبعض الأطعمة التي تُحفِّز النوبة.
وبالنسبة إلى مرضى دوار الوضعة السليم، يمكن للطبيب في كثير من الأحيان تخفيف الدوار عن طريق إجراء حركة تُسمَّى “مناورة إيبيلي” (Epley maneuver)، والتي تتضمَّن تدوير الرأس، لكي تتحرَّك الرواسب في أنابيب الأذن الداخلية إلى جزء مختلف من الأذن، أمَّا المصابون بالتهاب تيه الأذن، الذي قد يتلو نزلة البرد أو الأنفلونزا أو التهابات الأذن ويستمر لبضعة أسابيع، يمكنهم علاج الدوار بمضادات الهيستامين ومضادات الغثيان والإقياء، فعادةً ما يصف الطبيب لمرضى داء مينيير مُدرَّاً بولياً، أو ينصح باتباع نظام غذائي منخفض الصوديوم؛ إذ إنَّ تقليل الملح قد يُقلِّل من تجمُّع السوائل في الأذن الداخلية، وهذا يقيك من تكرار النوبات.
أدوية الدوار:
قد يصف لك طبيبك أحد الأدوية الآتية للتخفيف من الدوار وأعراضه:
1. “ميكليزين” (Meclizine):
يؤخذ “الميكليزين” على شكل كبسولات أو أقراص قابلة للمضغ، وهو من مضادات الهستامين، ويستخدم لتخفيف الغثيان والإقياء والدوار والوقاية منها، وقد تشمل بعض الآثار الجانبية جفاف الفم والنعاس والتعب.
2. البنزوديازيبينات:
أشيعها “الديازيبام” (Diazepam)، و”اللورازيبام” (Lorazepam)؛ إذ تُستخدم هذه الأدوية عادةً للمساعدة على تخفيف القلق، ولكن يمكنها أيضاً تهدئة الدوار الناجم عن أمراض الأذن الداخلية، ويجب الانتباه لأنَّ هذه الأدوية تحمل مخاطر قصيرة وطويلة الأمد، فهي تُسبِّب الخمول والتعب، ومع مرور الوقت قد يُصبح المريض معتمداً عليها، وقد يعاني من أعراض الانسحاب عند الامتناع عن تناولها.
3. ديمينهيدرينات (Dimenhydrinate):
هو مضاد للهستامين، يُستخدم لعلاج داء منيير، ويساعد على تخفيف الغثيان والإقياء والدوخة والوقاية منها عن طريق علاج خلل التوازن، إذ يتوفر الدواء في شكل كبسولات، أو أقراص قابلة للمضغ، وقد يُسبِّب آثاراً جانبيةً، مثل: النعاس والصداع.
تمارين الدوار:
قد تُساعد إحدى المناورات الحركية التي تُعرف بمناورة “إيبلي” في تخفيف أعراض الدوار عند مرضى دوار الوضعة السليم؛ إذ يقوم الطبيب بتغيير موضع رأسك فجأةً وإمالته للخلف، والهدف من ذلك هو نقل رواسب الكالسيوم الصغيرة إلى خارج القنوات في أذنك الداخلية، ومع أنَّ هذه المناورة قد تُسبِّب آثاراً قصيرة الأمد، كالغثيان والدوخة، وقد لا تكون آمنةً للمرضى الذين يعانون من مشكلات في الرقبة، فقد وجدت مراجعةٌ أجرتها منظمة “كوكرين” (Cochrane) للأبحاث الطبية عام 2014 أنَّ مناورة “إيبلي” كانت آمنةً وفعَّالة.
ماذا عن العلاجات المنزلية؟
عموماً، يُعالج الدوار بالأدوية، أو بالمناورات الحركية التي يُجريها الطبيب، أمَّا في المنزل، يمكنك ممارسة تقنيات الاسترخاء، مثل اليوجا أو التأمُّل، فقد تُساعد على تقليل التوتر الناتج عن نوبات الدوار المكررة. ويجب أن تحرص على جعل منزلك أكثر أماناً في حال فقدان توازنك، جرِّب وضع سجاد غير قابل للانزلاق في الحمام، وإزالة أي أغراض قد تتعثَّر بها.
هل يستمر الدوار طويلاً؟
يستمر الدوار فترةً تتراوح بين بضع دقائق إلى بضعة أيام عادةً، ولكن نظراً لأنَّه قد يكون أيضاً أثراً جانبياً لبعض الأدوية، أو علامةً على حالة صحية أكثر خطورة، مثل الصداع النصفي، فمن الأفضل أن تستشير طبيبك بعد النوبة.
فقد يكون الدوار بحدِّ ذاته خطيراً أيضاً، وذلك لأنَّه قد يؤدي إلى السقوط، ويُعرِّضك لإصابات خطرة، مثل كسر الورك، لذا من الأفضل أن تنتظر لمدة أسبوع على الأقل بعد النوبة الشديدة قبل القيام بأي أنشطة قد تحمل المخاطر، فعودة الأعراض في أثناء التنزُّه في الجبال، أو القيادة لمسافات طويلة قد يكون مخاطرةً كبيرة لست بحاجةٍ إليها.
المصدر
اكتشاف المزيد من موقع تدخين الطبخ
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.