التغذية

كيف تعرف أن علاقتك مع الطعام قد تحتاج علاجاً نفسياً؟


نحن غالباً ما نكون محاطين بأشخاص يتبعون حميات غذائية ويتحدثون عن الطعام، إنَّهم جزء كبير من مجتمعنا، وهذا التركيز المتواصل على الطعام والأجسام قد يتسلل إلى نفسيتك، وهذا بدوره يؤدي إلى تركيزات غير صحية.

من المستحيل تقريباً عدم استيعاب بعض هذه الرسائل المتعلقة بالطعام، لذلك ليس من المفاجئ إذا كنت تستطيع التعايش مع بعض هذه الأفكار أو السلوكات، ولكن إذا وجدت أنَّ معظم هذه القائمة تنطبق عليك، أو إذا كنت مشغولاً ببعض هذه الأمور بشكل متكرر لدرجة تداخلها مع حياتك اليومية، فقد يكون الوقت حان لمناقشة ذلك مع شخص تثق به؛ قد يكون صديقاً، أو شقيقاً، أو طبيبك، أو أخصائياً نفسياً.

اللجوء إلى المساعدة المهنية قد يبدو غير مريح ومرعباً وربما غير ضروري، ولكنَّه قد يساعدك على إعادة صياغة كيفية نظرتك إلى الطعام، فإليك كيف تعرف أنَّ علاقتك مع الطعام قد تحتاج إلى علاج نفسي؟

كيف تعرف أنَّ علاقتك مع الطعام قد تحتاج إلى علاج نفسي؟

اكتشف ذلك من خلال العلامات التالية:

1. التفكير باستمرار في الطعام و/أو وزنك:

غالباً ما يسمع الأخصائي النفسي من المرضى أنَّهم يفكرون بشكل أساسي فيما يتناولونه حالياً من طعام، أو وجبتهم التالية، أو وزنهم، ويتداخل ذلك حقاً مع وظائف الحياة اليومية لشخص ما.

من الطبيعي التفكير في الطعام ومظهرك في بعض الأحيان، ولكن إذا أصبحت هذه الأفكار صاخبة لدرجة أنَّها تغمر معظم الاهتمامات الأخرى، وإذا كانت مرتبطة بالذنب أو القلق أو العار، فقد يكون اللجوء إلى أخصائي نفسي فكرة جيدة، فإذا كانت هذه الأفكار تستهلك حياتك وأفكارك لدرجة تزعجك حقاً، فهذا هو الوقت المناسب للبحث عن المساعدة.

2. القلق بشأن تناول الطعام أمام الآخرين:

إذا كان شخص ما يحاول خسارة الوزن، أو لديه مشكلات في صورة الجسم، أو لديه أية أفكار منظمة عن تناول الطعام والوزن، قد يكون أكثر حذراً في تناول الطعام أمام الآخرين.

إنَّ الحرج من تناول الطعام أمام الآخرين يحدث بشكل شائع مع الأشخاص الذين يعانون من فقدان الشهية أو القهم، فالأشخاص الذين يعانون من هذه الاضطرابات لا يرغبون في تناول الطعام في الأماكن العامة لأنَّهم لا يرغبون في أن يتم نقدهم.

لا يلزم أن يكون لديك اضطراب تناول الطعام قابلاً للتشخيص حتى يكون مشكلة، فمن الممكن أن يكون تناولك للطعام غير منتظم ولا يلبي معايير تشخيص أي اضطراب تناول طعام ولكنَّه مع ذلك يتداخل مع حياتك، فإذا كنت قلقاً إلى حد الابتعاد عن الخطط التي تتعلق بالوجبات أو الحفلات التي فيها طعام، فهو شيء قد ترغب في مناقشته مع أخصائي نفسي، حتى إذا كنت قادراً على تناول الوجبات مع الآخرين، إذا كان ذلك يسبب لك التوتر أو القلق، فيستحق ذلك الاهتمام أيضاً.

3. الهوس بتناول “أطعمة صحية” فقط:

التغذية بطريقة تعزز جسمك وعقلك أمر هام، ولكن عند نقطة معينة تصبح هذه العادة غير صحية، فقد يكون التمسك بتناول الطعام الذي يُعد صحياً علامة على وجود اضطراب تناول الطعام يُعرف باسم “الأورثوريكسيا”، وهو اضطراب يتسم بالحاجة إلى الاعتماد على الأطعمة التي تعد نظيفة أو نقية، وفقاً لجمعية اضطرابات تناول الطعام الوطنية (NEDA).

تشمل بعض العلامات الأخرى تقييم التسميات الغذائية بشكل قهري، وتجنب مزيد من أصناف الطعام تدريجياً، والشعور بالضيق عند وجود الطعام “غير الصحي” فقط.

تبدأ الأورثوريكسيا في كثير من الأحيان بنية حسنة لتناول الطعام بطريقة تبدو أكثر صحة، وهو أمر جيد إذا كان ذلك سيساعدك فعلاً على تحسين العافية العامة، ولكن ثمة فهم خاطئ عما يعد حقاً تغذية صحية.

إنَّها ليست مقاطعة لفئات طعام كاملة خوفاً أو صرامة (بدلاً من ذلك، على سبيل المثال، بتوجيه من الطبيب بسبب حساسية غذائية)؛ إنَّها ليست قراراً بأنَّ بعض الأطعمة سيئة في حين أنَّ بعضها الآخر جيدة، أو أنَّك لا تستطيع أبداً تناول طعام تحبه بسبب عدد سعراته الحرارية، ففي الواقع، ينطوي وجود علاقة صحية مع الطعام على الاستمتاع بالطعام إضافة إلى أن تكون مرناً ولطيفاً مع نفسك.

إذا كانت فكرة تناول الطعام بطريقة معينة تسيطر على حياتك، فمن المستحسن رؤية محترف في الصحة النفسية.

4. لديك طقوس تتعلق بالطعام تبدو قهرية أو مؤلمة:

يحب معظم الناس تناول طعامهم بطريقة معينة، وربما لا تحب أن تلامس أطعمتك بعضها بعضاً، أو تأكل الخضار على طاولتك أولاً حتى تستطيع إنهاء الوجبة بشيء تستمتع به أكثر، ولكن تكون بعض الطقوس المتعلقة بالطعام علامة على وجود اضطراب في تناول الطعام.

على سبيل المثال، إذا كانت طقوسك تتضمن الحاجة إلى تقطيع الطعام إلى قطع صغيرة جداً ومضغه بشكل بطيء جداً، كل ذلك بهدف تناول كمية أقل من الطعام بشكل عام، فقد يكون ذلك علامة على اضطراب فقدان الشهية العصبي (الأنوريكسيا العصبية).

بالطبع، ليست كل عادة غذائية علامة على اضطراب في تناول الطعام أو تناول طعام غير منتظم، ولكن إذا وجدت نفسك قلقاً بشأن طقس معين إلى درجة أنَّه يحكم حياتك، تكون هذه علامة على أهمية التحدث مع شخص ما عنها، ينطبق الأمر نفسه إذا حاولت التوقف عن الطقس ولكنَّك لا تستطيع، أو حتى إذا كان التفكير بأن تتوقف عنه يسبب لك إجهاداً.

5. فقدان شهيتك يأتي مع تغيرات في المزاج:

أن تكون لديك شهية منخفضة من حين لآخر ليس أمراً جللاً، ومع ذلك، إذا لاحظت تغيراً ثابتاً في شهيتك يتزامن مع تقلبات في المزاج، فقد يشير ذلك إلى مشكلة في الصحة العقلية، على سبيل المثال، إذا كانت شهيتك المنخفضة مصاحبة لمشاعر الحزن، وانخفاض الطاقة، وفقدان المتعة في الحياة، فقد يشير ذلك إلى وجود اكتئاب.

حتى إذا لم تكن لديك أية أعراض صحية عقلية مصاحبة لفقدان شهيتك، فيعني أي تغيير ثابت وغير مفسر في شهيتك أو وزنك أنَّ عليك رؤية طبيب لمعرفة ما يحدث في صحتك.

6. تقوم بحساب السعرات الحرارية بدقة:

يشير القلق المستمر بشأن كمية السعرات الحرارية التي تستهلكها إلى عدة اضطرابات، والواضح هو اضطراب فقدان الشهية (الأنوريكسيا العصبية)، ومع ذلك، يجب ألا تقع في الخرافة بأنَّ تقييد السعرات الحرارية هو مشكلة إذا كنت تفقد كثيراً من الوزن.

على الرغم من أنَّ ذلك هو بالفعل أحد الأعراض الرئيسة للأنوريكسيا العصبية، لكن توجد فئة من الاضطرابات تُسمى “اضطرابات الأكل أو التغذية المحددة الأخرى” (OSFED)، وتشمل مجموعة من أنواع اضطرابات تناول الطعام غير الصحية، ومن ذلك الأنوريكسيا العصبية غير النمطية، أو عندما يُظهِر شخص ما أعراض الأنوريكسيا العصبية، مثل تقييد السعرات الحرارية بشكل كبير، دون فقدان وزن حاد.

يكون تقييد استهلاك الطعام في بعض الأوقات خطيراً، فإذا كنت تتجاوز وجباتك بانتظام لـ “حفظ” تلك السعرات الحرارية لتخصيصها للكحول، فيجعلك ذلك أكثر عرضة للسكر الزائد والمشاركة في سلوكات خطيرة، أو إذا لم تتناول الطعام طوال اليوم لتستمتع بعشاء غني بالسعرات الحرارية، قد يضعك ذلك في خطر التناول المفرط، إضافة إلى أنَّ الحرمان يؤثر فيك في اللحظة، مثل مشكلات التركيز والتعب البدني وغيرها.

الفكرة هي أنَّ السعرات الحرارية ليست كل شيء في التغذية، فأن تكون مشغولاً بشكل زائد بها ليس صحياً، ويمكن للأخصائي النفسي مساعدتك على إعادة صياغة تفكيرك في ذلك.

7. تشعر بأنَّك لا تستطيع السيطرة على كمية الطعام التي تتناولها:

قلة السيطرة على تناول الطعام هي علامة رئيسة لاضطراب الأكل المفرط، وهذه الحالة، التي تشمل حالات تكرار تناول كميات كبيرة من الطعام إلى حد الشبع، هي الاضطراب الأكثر شيوعاً في الولايات المتحدة، وفقاً لجمعية اضطرابات تناول الطعام الوطنية (NEDA).

يوجد غالباً اعتقاد خاطئ بأنَّ تناول الطعام الزائد يكون مشكلة حقاً فقط إذا تبعه تخلُّص، ولكن هذا ليس صحيحاً، فالشعور بنقص السيطرة على تناول الطعام قد يكون سيئاً بصرف النظر عما إذا تم التخلُّص منه بعد ذلك أم لا.

في الواقع، تشمل بعض معايير التشخيص لاضطراب الأكل المفرط مشاعر الاشمئزاز والاكتئاب والذنب بشأن عادات تناول الطعام، حتى من دون التخلص منه، ظهور هذه العواطف بوضوح كافٍ لتبرير الحصول على المساعدة.

8. تتساءل ما إذا كنت ستستشير أخصائياً نفسياً بشأن عاداتك الغذائية:

إذا كان أي شخص يشكك في العلاج، فإنَّها فكرة جيدة أن يبحث عن المساعدة؛ لأنَّ عقلك ببساطة يلمِّح إلى أنَّه يحتاج إلى التحدث إلى محترف.

إنَّ كل أخصائي نفسي مختلف عن الآخر، ولكن لا ضرر من الذهاب ومقابلة أحدهم، وإذا لم ينجح الأمر لأي سبب من الأسباب، توجد أنماط أخرى من العلاج النفسي وأطباء نفسيون آخرون، والهام هو العثور على شخص تشعر بالراحة معه.

كيف تبني علاقة جيدة مع الطعام؟

من المفيد أن نأمل في التغيير، والأهم أن نسعى بنشاط لجعل التغيير يحدث، فتذكَّر أنَّك شخص فريد، لديك تاريخك الخاص مع الطعام، وتفضيلاتك الغذائية الخاصة، وكل الحق في توجيه خلاصك بالطريقة التي تناسبك.

فيما يأتي بعض النصائح المفيدة:

شاهد بالفيديو: 7 نصائح لتغذية صحية سليمة

 

1. امنح نفسك إذناً غير مشروط لتناول الطعام:

إحدى علامات العلاقة الجيدة والصحية مع الطعام هي أن تسمح لنفسك بتناول الطعام بشكل غير مشروط، فعندما تضع قواعد بشأن متى يمكنك ولا يمكنك تناول الطعام، فإنَّك تعرِّض نفسك للجوع، ومشاعر الحرمان، والخوف من الطعام.

سواء كنت تأكل بكميات زائدة على الغداء أم تأخذ بعض البسكويت الإضافية عند التحلية، فإنَّك ما تزال تستحق أن تأكل عندما تكون جائعاً أو ترغب في ذلك، فجسمك يستحق الطعام بصرف النظر عن اليوم أو الحالة.

2. تناوَل الطعام عندما تكون جائعاً:

يولد كل شخص بالقدرة الطبيعية على تنظيم جوعه، فيمكنك رؤية ذلك لدى الأطفال، الذين يمكنهم بسهولة معرفة متى يكونون جائعين أو شبعانين، لكنَّ الناس يفقدون هذه القدرة مع تقدُّمهم في العمر لعدة أسباب.

بالرغم من جهود والديك، كم مرة قالوا لك أن تنظف صحنك؟ بينما كانت نواياهم جيدة، لكنَّ هذا القول أخبرك بصفتك طفلاً بتجاهل علامات أنَّك شبعان وتناول الطعام حتى يخبرك محفز آخر (مثل الصحن الفارغ) أنَّك انتهيت.

إلى جانب ذلك، علَّمَت ثقافة الحمية الناس أن يعتمدوا على عدد تعسفي من السعرات الحرارية ليخبرهم متى ينتهون من تناول الطعام بدلاً من تناول الطعام حتى الشبع، ومع ذلك، كلما كنت أقرب إلى الاستماع إلى إشارات جوعك الطبيعية، كان بإمكانك تنظيم جوعك بشكل أفضل وإدارة استهلاكك للطعام.

3. مارِس اليقظة في أثناء تناول الطعام:

ممارسة تناول الطعام اليقظ لها دور أساسي في تحسين العلاقة السيئة مع الطعام، ويشمل ذلك تناول الطعام في اللحظة والتركيز الكامل على تجربة تناول الطعام، وإنَّ تناول الطعام بوعي، يلهيك عن المشتتات الأخرى، مثل الهاتف أو التلفزيون، فتلاحظ طعم وملمس الطعام، وتغير إشارات الجوع والشبع، والاستمتاع بالطعام، وهذا يساعد على تحديد أسباب اختياراتك الغذائية وتعزيز التواصل مع تنظيم الجوع والشبع الطبيعي لجسمك، وتساعد هذه الممارسة على تحديد أسباب اختياراتك الغذائية وفحص إذا كنت تحتاج إلى الجوانب الصحية الأخرى.

4. رحِّب بجميع الأطعمة في نظامك الغذائي:

رحب بجميع الأطعمة في نظامك الغذائي وتجنب تصنيفها بوصفها “أطعمة غير صحية”، وتجنَّب الإفراط في وضع القيود المتعلقة بالأطعمة الصحية، فقد أظهرت دراسة أنَّ التصنيفات الصارمة تؤدي إلى تجاوز الحدود وزيادة الأكل، وعندما تسمح لنفسك بتناول جميع الأطعمة، يمكنك تنظيم كميات الطعام بشكل أفضل والابتعاد عن دورة الشعور بالذنب.

5. اهتم بطبقك:

تخيل حياة لا تحتاج فيها إلى تبرير اختياراتك الغذائية لنفسك أو لأي شخص آخر، فيقوم معظم الأشخاص بإعطاء أنفسهم أو الآخرين تفسيراً لاختياراتهم الغذائية باستمرار، على سبيل المثال، “أنا أتناول المثلجات لأنَّني أواجه يوماً سيئاً”، أو “يجب أن أتناول سلطة على العشاء لأنَّني لم أستطع ممارسة الرياضة اليوم”.

بدلاً من إعطاء سبب لاختياراتك الغذائية، اسمح لنفسك بتناول الطعام الذي تشعر أنَّه الأفضل لك في تلك اللحظة تحديداً.

في الختام:

عندما تجد نفسك محاطاً بأفكار مرهقة بشأن الطعام، وتجارب ملتوية تتسلل إلى وجدانك، فإنَّ هذه قد تكون علامات على أنَّ علاقتك مع الطعام قد تحتاج إلى اهتمام نفسي، ويمكن للمحادثة مع أحد المحترفين في الصحة النفسية أن تكون الخطوة الأولى نحو فهم أعماق هذه الأفكار والعمل على تحسين علاقتك مع الطعام، ولا تتردد في مشاركة مشاعرك مع أحد المهتمين بصحتك النفسية، فيكون الدعم الاحترافي والإرشاد النفسي مفتاحاً لتحقيق تغيير إيجابي نحو علاقة صحية ومستدامة مع الطعام.


اكتشاف المزيد من موقع تدخين الطبخ

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من موقع تدخين الطبخ

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading