التغذية

9 أسباب تجعلك تختار الأغذية العضوية


سواء أكنت تميل إلى الأطعمة العضوية بسبب الخوف من الأغذية المُعالجة بالمبيدات الحشرية، أم أنَّك تبحث عن نظام غذائي صحي، أم أنَّك من أنصار حماية البيئة فكل هذه الأسباب كفيلة بجعلك تتجه نحو تناول الأغذية العضوية.

فيما يأتي أهم 9 أسباب تجعلك ترغب بالطعام العضوي:

1. الحفاظ على سلامة البيئة:

وفقاً لعالِم الحشرات في جامعة “كورنيل” (Cornell University) “ديفيد بيمينتيل” (David Pimentel)، فإنَّ النسبة الأعظم من كمية مبيدات الآفات التي تُرَشُّ على المزروعات لا تؤثر في الآفات المُستهدفة، وتُقدَّر النسبة التي تؤثر في الآفات من الكمية بما يقارب 0.1% فقط، في حين يبقى 99% من هذه الكمية دون تأثير في الآفة؛ وإنَّما يؤثر في البيئة فقط؛ وذلك من خلال تلويث المجاري المائية والأراضي الزراعية.

يضيف “بيمينتيل” بأنَّ إحدى أكبر الكوارث البيئية حالياً هي فقدان خصوبة التربة؛ لذلك يلجأ المزارع في حالة الزراعة العضوية إلى زراعة العديد من المحاصيل المتنوعة من حيث تركيبها الحيوي، بدلاً من اللجوء إلى معالجة المحاصيل بالمواد الصناعية التي تستنزف خيرات التربة.

إنَّ أساليب الزراعة العضوية مثل تناوب المحاصيل تُحسِّن من جودة التربة إلى حدٍّ كبير، كما أنَّها تساعد التربة على استعادة النيتروجين وغيرها من العناصر العضوية؛ باختصار يمكننا القول إنَّ الزراعات الكيميائية تؤدي إلى إتلاف التربة.

2. حماية مياه الشرب من التلوث:

كلما ازداد استخدام المواد الكيميائية في الأراضي الزراعية، ازدادت صعوبة الحفاظ على جودة المياه.

تُعَدُّ المنطقة الميتة في خليج المكسيك (Mexico) – وهي منطقة قليلة الأوكسجين تموت فيها الأسماك وتنعدم الحياة البحرية – مثالاً واضحاً على الضرر الهائل الذي يُحدثه تدفق الكيماويات الزراعية من خلال التسرب الذي يحدث من عشرات ملايين الدونمات الزراعية إلى نهر المسيسيبي العظيم؛ لذلك فإنَّ الزراعة التي تعتمد المواد الكيميائية لا تضر فقط بمياه الشرب المتوفرة لدينا؛ بل تضر أيضاً بالمجاري المائية والمحيطات.

من غير المفاجئ قولنا إنَّ المبيدات الحشرية الكيميائية التي تقتل الحشرات تسبب أيضاً الضرر لصحة الإنسان؛ لكنَّ الأمر لا ينحصر في إيذاء المستهلك للمنتجات الزراعية التي تعرضت لهذه المواد؛ بل يتعداه إلى مخاطر صحية تلحق بالمُزارع والعاملين في الزراعة.

توصَّل الباحثون إلى وجود علاقة بين تعرُّض المرأة الحامل للمبيدات الحشرية وحصول تشوهات خلقية لدى الجنين، كما توصلت بعض الدراسات إلى أنَّ بعض المبيدات الحشرية تُحفِّز نمو الخلايا السرطانية، وقد تبيَّن بالتجربة أنَّها سببت سرطان الثدي لدى الجرذان.

لا تُرَشُّ المحاصيل العضوية بالكيماويات العضوية الاصطناعية، كما لا تُروى بمياه الصرف الصحي المُعالجة، ولا يجوز معالجتها من خلال عملية التشعيع، كما لا يجوز تطبيق عمليات استنساخ الحيوانات في هذا النوع من الزراعة، ولا التقنيات المتبعة في مجال الهندسة الوراثية؛ لذلك فأنت تُقلِّل جداً من مخاطر الإصابة بالأمراض من خلال تناول الطعام العضوي؛ والسبب أنَّك تقلل من كمية الملوثَات التي تتعرض لها من جراء تناول الأطعمة المُعرضة للمبيدات الحشرية أو غيرها من الملوثات الأخرى.

شاهد بالفيديو: 8 حلول للحد من ظاهرة التلوث البيئي

 

3. الحفاظ على التنوع البيئي:

التنوع البيئي في الحياة البرية هام جداً؛ فلكلِّ كائن في الطبيعة دوره الحيوي في نسيج البيئة مثلما يكون للإنسان دوره، وقد رُبِطَ انخفاض أعداد الطيور والنحل وغيرها من الكائنات التي تقوم بتلقيح الأزهار باستخدام المبيدات الحشرية الصناعية.

على الجانب الآخر تكون المزارع العضوية موطناً لحوالي 30% من أنواع الحياة البرية إذا ما قورِنَت بالمزارع التقليدية، وقد أجرى باحثون من جامعة “أوكسفورد” (Oxford) والسويد (Sweden) وسويسرا (Switzerland) تحليلاً تلوياً لنحو من 100 دراسة تبيَّن فيها أنَّه نحو 75% من التنوع الجيني للمحاصيل الزراعية قد فُقِد خلال القرن الماضي، وهذه الحالة خطيرة جداً؛ لأنَّها قد تعني في المستقبل أنَّ معظم سكان العالم سيعتمدون في الواقع نوعاً أو نوعين من الأطعمة التي تمنح الطاقة مثل القمح والأرز، إضافةً إلى ذلك فإنَّ الأطعمة الناتجة عن الزراعة التقليدية قد أُنتِجَت في العشرين عاماً الماضية باعتماد بذورٍ مُعدلة وراثياً.

إنَّ مزج الجينات من أنواع مختلفة هو ما يجعل محاصيل الزراعة المعتمدة التعديلَ الوراثيَّ متميزة عن غيرها؛ ولهذا السبب تمكَّن منتجو المواد الكيميائية من تسجيل براءات الاختراع لهذه المحاصيل، ولكن من المستحيل الحصول على هذه المحاصيل المُعدلة وراثياً من خلال طرائق التهجين التقليدية، والخطر يكمن بأنَّه لم يختَبر علماء مستقلون المحاصيل المعدلة وراثياً اختباراً شاملاً لمعرفة مخاطرها الصحية والبيئية على الأمد الطويل.

تلوِّث أيضاً المحاصيل المعدلة وراثياً المحاصيل العضوية وحتى المحاصيل التي لم يُحصَل عليها من خلال تعديل وراثي؛ هذا يعني أنَّ المحاصيل المعدلة وراثياً قد تقتل البذور العضوية والبذور التي حُصِل عليها على نحو طبيعي على مدار عشرات السنين وهي المسماة “بذور الإرث”.

4. تجنُّب المنتجات المُعدلة وراثياً:

توجد الأغذية المُعدلة وراثياً في أكثر من 75% من الأطعمة المُصنعة التي تُباع في أمريكا (USA)، والمشكلة أنَّ كلاً من كندا (Canada) وأمريكا لا تتبع سياسة وضع علامات فارقة على الأطعمة المُعدلة وراثياً، في حين توجد 64 دولة في أوروبا (Europe)، وأماكن أخرى من العالم تقوم بتحديد الأطعمة المُعدلة وراثياً وتسمح للمستهلكين الاختيار بناءً على معرفتهم بهذه الأطعمة، في حين منعت بعض البلدان منعاً كاملاً أيَّ شكلٍ من أشكال الزراعة التي تعتمد التعديل الوراثي؛ لذلك فإنَّ الحل في ظل غياب تصنيف واضح لهذه الأطعمة هو اللجوء إلى خيار الأطعمة العضوية.

حالياً يتم التصميم الوراثي لأكثر من 90% من المحاصيل المعدلة وراثياً بحيث تستطيع مقاومة مبيد الجليفوسات (glyphosate) وهو العنصر الأساسي في مبيدات الأعشاب الذي يُستخدم للقضاء على الحشائش والذي تنتجه شركة “مونسانتو” (Monsanto).

هذه المحاصيل التي تقاوم الجليفوسات جعلت منه أكثر المبيدات استخداماً في الزراعة الأمريكية، ومنذ أن أُدخِلَت الذرة وفول الصويا المعدلة وراثياً لأول مرة منذ عقدين من الزمن ازدادت كمية الجليفوسات التي يستخدمها المزارعون الأمريكيون بمقدار 280 مليون جنيه إسترليني سنوياً.

لقد صنَّف خبراء في منظمة الصحة العالمية (World Health Organization) الجليفوسات ضمن المواد التي يحتمل أن تسبب السرطان للإنسان، ولأنَّ المحاصيل المعدلة وراثياً لا تتأثر بالمبيدات فقد استُخدِمَت هذه المبيدات بغزارة؛ ما أدى إلى كوارث بيئية مثل الأعشاب الضارة والبكتيريا، وكما قلنا سابقاً فإنَّ الزراعة العضوية خالية من البذور المعدلة وراثياً؛ وهي بذلك تُجنب الإنسان مخاطر هذه المواد الكيميائية.

5. الحصول على قيمة غذائية أكبر:

تتم الزراعة العضوية في تربة صحية؛ لذلك تُنتِج النباتات في هذا النوع من الزراعة محاصيل تحتوي غالباً على مستويات أعلى من مضادات الأكسدة والمعادن والفيتامينات الهامة، كما وجد فريق بحث بقيادة باحث في جامعة ولاية واشنطن (Washington State University) أنَّ الحليب العضوي يحتوي على الأحماض الدهنية بنسب أعلى بكثير من حليب الأبقار المرباة في المزارع التقليدية، وهذه الأحماض ذات فوائد صحية للقلب.

يُنظر إلى الزراعة العضوية على أنَّها زراعة متجددة ويمكنها في الواقع زيادة خصوبة التربة؛ مما ينتج عنه أطعمة تحتوي على كثير من العناصر المغذية.

6. تُحقق للمزارعين أرباحاً أكبر:

إنَّ تقليل اعتماد شركات الهندسة الكيميائية والزراعية مُفيد للمزارعين، ويلزم مُنتجو الأغذية العضوية المعتمدون نظاماً صارماً من اللوائح التي تفرضها الحكومة والتي تحقَّق منها مفتشو الطرف الثالث واعتمدوها، كما يجب أن يقدم المزارعون التزاماً مالياً يُتعَهَّد بموجبه باتباع أسلوب الزراعة العضوية؛ فالمزارعون في نهاية المطاف هم رجال وسيدات أعمال مبتغاهم إنتاج محاصيل ذات رواج في السوق.

في هذا السياق، حققت شركة “كوستكو” (Costco) لتجارة التجزئة في عام 2017 مبيعات سنوية بقيمة 4 مليار دولار من المنتجات الغذائية العضوية متجاوزةً بذلك شركة “هول فودز” (Whole Foods).

لكن حالياً لا يستطيع المزارعون العضويون إنتاج المحاصيل بالسرعة الكافية لتزويد بائع التجزئة بالمخزون اللازم لتجارته، وللمساعدة على رفع العرض كي يناسب حجم الطلب؛ فقد قدمت كوستكو قروضاً مالية للمزارعين كي يتمكنوا من شراء الأراضي والمعدات الزراعية.

يُحدث اختيار الأغذية العضوية تأثيراً إيجابياً مضاعفاً في صعيد وصول المنتج من المصدر إلى المستهلك حيث إنَّ العرض دائماً يلبي الطلب.

7. الرفق بالحيوان:

يجب أن يكون لدى الماشية المُرباة عضوياً إمكانية الخروج في الهواء الطلق ومساحة كافية للرعي والتنقل والنمو؛ وذلك بطريقة تُعزز سلوكها الطبيعي، ولا يمكن إعطاء هذه الحيوانات هرمونات النمو، والحيوانات المُعالجة بالمضادات الحيوية لا تنتج غذاءً عضوياً.

تستخدم المزارع الحيوانية التقليدية المحاصيل المعدلة وراثياً لتسمين الماشية قبل ذبحها، في حين أنَّ الماشية المرباة بطريقة عضوية لا يمكن أن تتناول الأعلاف المعدلة وراثياً، وتتغذى الماشية التي تُربَّى عضوياً على العشب ولا يمكن أن تُعطى نظاماً غذائياً من الذرة المُعدلة وراثياً أو بذور القطن والكانولا ولا فول الصويا.

الحيوانات المرباة في المزارع التقليدية لا تُربى بطريقة صحية، ومن ثمَّ هي تنتج طعاماً غير صحي ويسبب نسبة كبيرة من الأمراض التي تنتقل من خلال الأغذية؛ لذلك يكون لشراء المنتجات العضوية أثر في تجنُّب الأمراض وأيضاً الحد من أسلوب تربية الماشية بطريقة غير إنسانية.

8. تجنُّب مخاطر الهرمونات والصادات الحيوية:

لا تُحقَن الأبقار المرباة بطريقة عضوية بهرمونات تعزيز الحليب، مثل هرمون النمو البقري المعروف بـ (rBST) الذي تبيَّن أنَّه يزيد من مستويات الأنسولين لدى البشر، كما تظهر الدراسات أنَّ نسبة كبيرة من المبيدات الحشرية توجد في دهون ولحوم الأبقار المُنتجة للحليب.

وفقاً لاتحاد المستهلكين (Consumers Union) في الولايات المُتحدة الأمريكية فإنَّ ما نسبته 80% من المضادات الحيوية تُستخدم لإنتاج اللحوم والدواجن، ويحذِّر العديد من العلماء والخبراء من أنَّ تفشي استخدام المضادات الحيوية في علف الحيوانات، مثل البنسلين والتتراسيكيلين، سيؤدي إلى انتشار وباء لا يوجد لدى الطب أي علاج له.

يقول “كريم أحمد” (Karim Ahmed) أحد كبار العلماء في مجلس حماية الموارد الطبيعية (Natural Resources Defense Council): “قد تكون مشكلة استخدام المضادات الحيوية في إنتاج اللحوم والدواجن هي أخطر مشكلة صحية تواجه البلاد؛ فنحن نتحدث عن عملية تجعل المضادات الحيوية غير فعالة”.

لكنَّ اللحوم والألبان العضوية لا تُنتَج باستخدام المضادات الحيوية وهرمونات النمو.

شاهد بالفيديو: 14 نصيحة للتمتّع بصحة جيدة طول العمر

 

9. حماية أمننا الغذائي:

يتطلب مستقبل الغذاء على الأرض أن نعامل الأرض والمياه والهواء والحيوانات والنظام البيئي بمزيد من العناية، فقد سُجِّلَت أكثر من 600 مادة كيميائية تُستَخدَم في العمليات الزراعية في أمريكا بمعدل استهلاك يبلغ مليارات الجنيهات الإسترلينية سنوياً.

أمَّا بالنسبة إلى حصة الفرد فهي ما يعادل 7 كيلوغرام للشخص الواحد خلال عام، وبالتأكيد هذه الأرقام لا تُعبِّر عن نمط حياة صحي، ويهدد فقدان الملقحات بسبب الأساليب الصناعية في الزراعة بانعدام الأمن الغذائي على سطح الكوكب.

تحذر التقارير الأخيرة للأمم المتحدة (The United Nationts) من أنَّه في حال لم تُتخذ إجراءات فورية لحماية الملقحات، فإنَّ الأمن الغذائي للعالم سيكون في خطر حقيقي؛ لذلك فإنَّ من واجبنا بصفتنا مستهلكين أن نفرض قوتنا الشرائية من خلال تجنُّب المنتجات المُعالجة كيميائياً ونتَّجِه نحو الطعام العضوي؛ حتى نتمكن من الحد من هذه الأضرار وحماية بيئتنا.

في الختام:

يعتمد سوق صناعة المواد الغذائية في أمريكا الذي تبلغ قيمته 1 تريليون دولار بصورة أساسية على المواد الكيميائية، والبشر يدفعون ثمن ذلك بتدهور صحتهم وصحة الأرض؛ لذلك يمكن تغيير هذه المعادلة بإنفاق أموالنا على شراء المنتجات الغذائية العضوية؛ وبذلك نتخذ خطوة جادة في سبيل إنقاذ مستقبل الأجيال القادمة.

إذاً يمكن أن نعدَّ اختيار الأغذية العضوية هو الخطوة الأولى للحفاظ على مستقبلنا الغذائي؛ لذلك اختر الطعام العضوي، وإذا كانت لديك القدرة فلِمَ لا تزرع هذه الأطعمة بنفسك؟ فأنت بذلك لا تحمي صحتك ومستقبلك فقط؛ بل صحة أولادك ومستقبلهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى