الثقافة الصحية

8 نصائح للتخلص من عادة الضحك العصبي (الجزء الأول)


هل وجدت نفسك تضحك في وقت غير مناسب؟ يمكن أن يحدث الضحك العصبي في مواقع عصيبة وحساسة، فإذا كنت ممَّن يصابون بنوبات الضحك فلا تقلق؛ لأنَّك لست وحدك من يعاني هذا الاضطراب.

الضحك العصبي هو أحد الوسائل التي تهدف إلى التخلص من التوتر في المواقف التي تشعر فيها بالضيق؛ لكنَّه يصبح مشكلة عندما يؤدي إلى تدهور العلاقات، أو يزعج الآخرين، توجد بعض النصائح التي تساعدك على التخلص من نوبات الضحك العصبي، لكن يجب أولاً أن نعرِّف الضحك العصبي.

ما هو الضحك العصبي؟

هو استجابة للتوتر تحدُث عند مواجهة وضع غير مريح، وتُعَدُّ هذه الاستجابة إحدى الطرائق التي يتخلص جسدك من خلالها من التوتر، أو يستخدمها على أنَّها آلية دفاعية لتجنُّب العواطف المؤلمة.

يقترح عالم الأعصاب الأمريكي في إس راماشندران (V.S. Ramachandran) أنَّ الهدف الأساسي من الضحك في المجتمعات البشرية كان إظهار أنَّ شخصاً أو شيئاً ما لا يمثِّل تهديداً؛ أي إنَّها كانت إشارة تعني أنَّه لا يجب على الآخرين القلق أو الخوف أو القيام بأي رد فعل دفاعي.

يهدف الضحك العصبي إلى تحقيق النتيجة نفسها؛ لأنَّك عندما تضحك في موقف مزعج فأنت تحاول إقناع نفسك بأنَّ ما يحدث لا يشكِّل مشكلة كبيرة؛ لكنَّ المشكلة أنَّنا نضحك أحياناً بسبب هذا الاضطراب على أشياء لا ينبغي لنا الضحك عليها.

كتب الباحث والمؤلف روبرت ر. بروفين (Robert R. Provine) في كتابه: “الضحك: تحقيق علمي” (Laughter: A Scientific Investigation): “نسبة 80% من الضحك ليس له سبب مضحك”.

حلَّل بروفين ومساعدوه 1200 حالة ضحك، من خلال المراقبة والاستماع إلى المحادثات في الأماكن العامة، ووجدوا أنَّ 10% – 20% فقط من الضحك في هذه التفاعلات كان بسبب ما يشبه النكتة؛ لذلك لا تحسب أنَّك الوحيد الذي يضحك دون سبب مسوِّغ.

يمكن أن تؤدي مشكلة الضحك العصبي إلى إعاقة التواصل وبناء العلاقات حتى لو لم تكن تقصد ذلك، ويمكن أن تجرح مشاعر الآخرين، أو تسبب لهم الانزعاج إذا كنت معهم في موقف عصيب أو حزين.

شاهد بالفيديو: 8 فوائد صحية للضحك

 

لماذا الضحك العصبي ضار؟

يمكن أن يكون الضحك العصبي ضاراً بالعلاقات عندما يحدث في مواقف غير مناسبة، ويُعدُّ الضحك العصبي بالنسبة إلى كثير من الناس طريقة تساعدهم على الاسترخاء والسيطرة على القلق في موقف معيَّن، لكن قد يشعر الناس أنَّك لا تكترث بما عبَّروا لك عنه، أو أنَّك تهزأ من آلامهم أو المآسي التي أخبروك بها.

للضحك في الوقت المناسب العديد من الخصائص الرائعة، فيسبب الضحك على الأمد القصير زيادة في إفراز الإندورفين وهو مسكِّن ألم طبيعي في الجسم، كما أنَّه يساعد على تقليل التوتر، وفي بعض الحالات يؤدي دوراً في تعزيز جهاز المناعة، ويُقال إنَّ: “الضحك هو أفضل دواء”.

هل هذا يعني أنَّ تناول طعام صحي والضحك كثيراً سيجعلك تتجاوز فصل الشتاء دون الإصابة بنزلة برد؟ بالطبع لا؛ لكنَّه سيكون مفيداً لك في جميع الأحوال.

يساعد الضحك أيضاً على تعزيز التواصل مع الآخرين؛ أي إنَّه يعزز صحتك الاجتماعية، فيحقق الضحك هذه الفائدة على صعيد العلاقات من خلال كونه الطريقة التي تعبِّر عن عاطفة إيجابية تشاركها مع الآخرين من حولك، ويساعد الضحك الناس على الاسترخاء والشعور بالراحة ومشاركة اللحظات الممتعة مع الآخرين؛ لذلك من المفيد أن تتواصل مع الآخرين بمزيد من روح الدعابة.

لكن لسوء الحظ في حين أنَّ للضحك العادي هذه الفوائد كلها من تعزيز للتواصل وتحسين الصحة الاجتماعية إلا أنَّ الضحك العصبي يمكن أن يتسبب في تدهور العلاقات ويجرح مشاعر الآخرين.

إذاً ما هو الفرق بين الضحك العصبي والضحك العادي؟

ما الذي يسبب الضحك العصبي؟

غالباً ما يكون الضحك العصبي نتيجة لأسباب عاطفية أو نفسية، على الرَّغم من أنَّه يمكن أن يرتبط بالعديد من المعطيات الصحية غير النفسية، لكن بالمجمل عادةً ما يكون الضحك العصبي وسيلة لتنظيم المشاعر، إنَّه وسيلة اللاوعي التي يخبرك عقلك بواسطتها أنَّك بخير، على سبيل المثال قد تتعثر بالخطأ في محل بقالة وتجد نفسك بعد لحظة تضحك، قد تكون هذه الحالة من الضحك العصبي هي محاولة من عقلك الباطن لإخفاء شعورك بالضيق في تلك اللحظة، وكي تُظهر للآخرين أنَّ كل شيء على ما يرام.

فيما يأتي بعض الأسباب الشائعة للضحك العصبي:

1. الشعور بالقلق:

قد لا تعبِّر أفعالك عن أفكارك عندما تشعر بالقلق، وفي هذه الحالة يمكن أن يكون الضحك طريقة للسيطرة على عواطف القلق لديك وإقناعك أنَّك بخير، ويمكن أن يكون أيضاً آلية تكيُّف لتجاوز المواقف الصعبة والعواطف المعقدة.

2. محادثات عن حوادث شكلت لك صدمة:

إذا وجدت نفسك تضحك في أثناء الحديث عن الحوادث المؤلمة في ماضيك فقد تكون هذه طريقة جسدك لإلهاء نفسك عن العواطف المؤلمة التي لست مستعداً بعد لمعاملتها، وفي هذه الحالة يكون الضحك وسيلتك لتجنُّب الذكريات المؤلمة والقاسية.

هذا أيضاً هو السبب الذي يجعل كثيراً من الناس يلقون النكات في أوقات غير مناسبة أو مواقف تسبب الإرهاق والتوتر؛ أي إنَّ الضحك في هذه الحالة ما هو إلا وسيلة لتجنُّب العواطف المؤلمة والتخلص من التوتر.

3. المواقف المحرجة:

قد تضحك على المواقف المحرجة مثل إسقاط طبق من الطعام في كافتيريا مزدحمة؛ نظراً لأنَّ الضحك يمكن أن يكون وسيلة لتخفيف التوتر المحرج، فقد يكون هذا رد فعل غريزي

4. استجابة لقيام شخص آخر بالضحك:

الضحك مُعدٍ حتى عندما يكون في وقت غير مناسب، فقد تجد نفسك تضحك استجابة لضحك شخص آخر.

5. في أثناء مشاهدة شخص ما يتألم:

أجرى في ستينيات القرن الماضي أستاذ وباحث جامعة ييل (Yale University) ستانلي ميلجرام (Stanley Milgram) سلسلة من التجارب على الضحك العصبي.

طلب من المشاركين في بحثه توجيه صدمات متزايدة الشدة للغرباء، كان “الغرباء” من أساتذة جامعة ييل الآخرين الذين لن يشعروا بالصدمة لكونهم يعرفون أنَّ ما يجري هو في إطار بحث علمي؛ لكنَّ المشاركين في الدراسة لم يعرفوا ذلك.

كان المشاركون أكثر ميلاً للضحك كلما زادت شدة الصدمة، لم يكونوا يضحكون لأنَّهم ظنُّوا أنَّه من المضحك إيذاء شخص ما، ولكن بسبب شعورهم بالتوتر وعدم الارتياح.

تساعد النتائج التي توصل إليها ميلجرام على تفسير سبب ضحكنا عندما نرى مقطع فيديو لشخص يسقط.

شاهد بالفيديو: كيفية التحكم بالانفعالات وضبط النفس

 

كيف توقف نوبة الضحك العصبي؟

قد تتساءل بعد ما قدَّمناه عن وجود أي طريقة تساعدك على التخلص من نوبات الضحك العصبي، والجواب هو أنَّه مثل أي عادة فإنَّه لا يمكن تغيير ذلك بين عشية وضحاها، لكن يمكنك تغيير سلوكك تدريجياً.

إليك نصائح تساعدك على القيام بذلك:

1. استبدل الضحك العصبي بسلوك إيجابي غير لفظي:

من الصعب التوقف عن فعل شيء ما ببساطة، خصوصاً إذا ما كان هذا الشيء عادة تلقائية مثل الضحك العصبي، وأفضل شيء تفعله هو استبدالها بشيء إيجابي، في أي وقت تجد نفسك على وشك البدء بنوبة ضحك عصبي جرِّب أحد هذه السلوكات:

  1. الإيماءات البطيئة بالرأس.
  2. إمالة الرأس.
  3. التفاعل مع حديث الشخص الآخر بكلمات مختصرة تعبِّر عن الاهتمام، مثل “هممم”، أو “نعم”.
  4. إذا استطعت فاطلب من الآخر أن يأذن لك بالمغادرة.

ستجعل هذه الأشياء جهازك العصبي منشغلاً في القيام بشيء ما بدلاً من الضحك العصبي.

2. لاحظ الأنماط الخاصة بك:

الخطوة التالية لوقف الضحك العصبي هي جمع المعلومات؛ بمعنى أن تحدد المواقف التي سببت لك الضحك العصبي، قد يستغرق اكتشاف هذه المواقف بعض الوقت؛ لذا قبل أن تخلد للنوم فكِّر في المواقف التي دفعتك للضحك العصبي خلال النهار.

عامل الموضوعَ بفضولٍ بدلاً من الحكم على نفسك، إذا كنت لا تلاحظ كم يتكرر حدوث نوبات الضحك العصبي لديك فقد تُصاب بالإحباط أو الاستياء من نفسك عندما تحاول تحديد الأسباب؛ لذا ذكِّر نفسك أنَّك تجمع هذه البيانات حتى تتمكن من إجراء تغيير.

لا تفكر فقط في حدوث نوبة الضحك؛ بل فكَّر في علاقة ذلك بالشخص الذي كان يتحدث إليك، أو الموضوع الذي طُرح أمامك، أو الموقف الذي حدث.

نصيحة عملية: أحضر ورقة وارسم عليها 5 أعمدة، أو افتح جدول بيانات على هاتفك وأدرج فيه 5 أعمدة، واكتب في الجزء العلوي من كل عمود من هذه الأعمدة أحد هذه الأسئلة:

  1. أين كنت؟
  2. مع من كنت؟
  3. ماذا حدث مباشرة قبل دخولي في نوبة ضحك عصبي؟
  4. متى حدث ذلك؟
  5. كيف يمكنني وصف عواطفي في تلك اللحظة؟

املأ الإجابات عن هذه الأسئلة الخمسة، وفي أثناء قيامك بجمع المعلومات انتبه لأيِّ أنماط قد تظهر.

نظراً لأنَّ الضحك العصبي يحدث كاستجابة تلقائية فقد لا تلاحظ حدوثه، والحل في هذه الحالة هو أن تطلب من مجموعة من الأشخاص الذين تثق بهم أن ينبَّهوك في حالة دخولك في نوبة ضحك عصبي، يمكن أن تطلب ذلك من شريكك أو صديقك المفضَّل أو شريكك في السكن.

في الختام:

لقد تحدَّثنا في هذا الجزء من المقال عن الأسباب التي تؤدي إلى نوبات الضحك العصبي ونصيحتين للتخلص من هذه العادة، وسنكمل الحديث في الجزء الثاني والأخير مع المزيد من النصائح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى