الثقافة الصحية

تجمد الدماغ: أسبابه وأعراضه وعلاجه


كل ما يمكننا فعله لتجنب الآثار السلبية لدرجات الحرارة المرتفعة هو اللجوء إلى الأماكن الباردة والظليلة وتبريد الجسم من خلال الغسل بالماء البارد وخاصةً الوجه باستمرار، إضافة إلى شرب الكثير من المياه تجنباً للجفاف.

بالطبع عند ذكر الصيف والحرارة المرتفعة يتبادر إلى أذهاننا المثلجات بنكهاتها اللذيذة والمتنوعة والعصائر الباردة أيضاً، فهي بمنزلة الدواء في الأيام الحارة، لكن على الرغم من متعة تناولها، إلا أنَّها قد تتسبب بحالة من الصداع تدعى تجمد الدماغ وهي حالة منتشرة بكثرة، فكم مرة شاهدنا طفلاً تناول قضمة سريعة وكبيرة من المثلجات ثم أجهش بالبكاء والصراخ، لذلك عليك معرفة السبب وراء ذلك وكيفية العلاج، وهذا ما سيوضحه مقالنا الحالي.

تجمد الدماغ:

يعرف تجمد الدماغ باسم “صداع الآيس كريم” وأيضاً “صداع التحفيز البارد”، أما طبياً فيُعرف بأنَّه ألم عصب العقدة الوتدية الحنكية؛ إذ إنَّ هذه العقدة عبارة عن تراكم الخلايا العصبية، وهي المسؤولة عن نقل الإحساس بالبرودة إلى الدماغ، وعموماً فإنَّ الجزء الخلفي للفم هو المنطقة الحساسة بشكل عالٍ للحرارة.

يحدث تجمد الدماغ عند تعريض الرأس إلى درجات الحرارة المنخفضة جداً، مثلما يحدث عند الغطس في المياه الباردة أو الخروج في الصقيع بعد الاستحمام بماء دافئ في الشتاء ودون تجفيف الشعر أو وضع قبعة صوفية عليه، ويحدث أيضاً عند استنشاق البخار البارد جداً أو تناول طعام أو شراب ذي درجة برودة عالية جداً مثل المثلجات أو قطع الجليد.

أسباب تجمد الدماغ:

أُجريت العديد من الأبحاث بهدف معرفة أسباب تجمد الدماغ، ولكنَّ العلماء لم يضعوا نظرية محددة وثابتة تفسر السبب؛ بل ما يزالون حتى الآن في بحث مستمر، ومن أكثر النظريات منطقية نذكر ما يأتي:

  • البرد الذي يهاجم الجسم فجأة دون سابق إنذار يتسبب بتغيير تدفق الدم في الجهاز العصبي لدى الجسم بشكل مؤقت، فالإحساس بالبرودة العالية والمفاجئة يتسبب بتنشيط عصب هام جداً في الوجه والرأس ويُعرف باسم “العصب الثلاثي”؛ إذ إنَّ الأوعية الدموية تنقبض بهدف منع فقدان حرارة الجسم، ومن ثم تعاود الانبساط مرة أخرى فتسمح حينها بارتفاع تدفق الدم، وهذا الانقباض والتمدد الذي يحمل الدم إلى الدماغ يتسبب بارتفاع حاد في ضغط جمجمة الإنسان، ويؤدي ذلك إلى شعور بالصداع المفاجئ.
  • إحدى النظريات تفسر السبب وراء تجمد الدماغ بطريقة أخرى، هي في زيادة تدفق الدم إلى الدماغ عن طريق الشريان الدماغي الأمامي، والسبب في زيادة التدفق هو الزيادة في حجم هذا الشريان فينتج عن ذلك إحساس بالألم، وعندما ينتهي تجمد الدماغ يتقلص الشريان ويعود إلى حجمه الطبيعي فيقل تدفق الدم، وهو ما يرجح سبب اختفاء الألم.

أعراض تجمد الدماغ:

يتميز تجمد الدماغ بأعراض عدة يشعر بها الإنسان عند الإصابة فيه، وأبرز الأعراض ما يأتي:

  1. ألم حاد يشبه الطعنات في مقدمة الرأس تقريباً في الجبهة وفي مؤخرة الرأس أيضاً.
  2. يبدأ الألم فور التعرض لدرجات الحرارة المنخفضة؛ أي خلال ثوانٍ من ذلك، ويصل إلى ذروته خلال مدة تتراوح بين 20 و60 ثانية.
  3. يستمر الألم من بضع ثوانٍ إلى بضع دقائق من بدئه، لكن لن يطول لمدة تفوق خمس دقائق بحسب الدراسات التي تم إجراؤها حتى وقتنا الحالي، لكن في حال تجاوزت مدة الألم خمس دقائق ووصلت إلى مدة عشر دقائق مثلاً، هنا لا بد من مراجعة الطبيب أو في حال حدث التجمد الدماغي دون تناول المثلجات أو التعرض لدرجات حرارة منخفضة، فذلك يدل على الحاجة إلى رعاية طبية حتماً.

علاج تجمد الدماغ:

على الرغم من كونه ألماً مفاجئاً، إلا أنَّ المصاب به بإمكانه علاج نفسه بنفسه والتخلص من تلك الطعنات المزعجة جداً، وذلك باتباع ما يأتي:

1. تخلَّص على الفور من سبب المشكلة:

في حال كان السبب هو تناول المثلجات أو شرب المشروبات المثلجة فيجب إيقاف تناولها مباشرة، أو في حال كان السبب هو النوم في غرفة مكيفة فيجب إيقاف تشغيل المكيف سريعاً.

2. قم بتدفئة سقف فمك بسرعة:

يمكنك القيام بذلك باستخدام لسانك وجعله يلمس سقف الفم وإن أمكنك ثني اللسان ليصبح على شكل كرة تقريباً، ثم ابدأ بالضغط على سقف فمك؛ وذلك لأنَّ الجزء السفلي من اللسان يكون أكثر دفئاً غالباً، فالجزء العلوي يتأثر بدرجة حرارة الطعام الذي تتناوله، فلا بد أنَّه قد برد في حال تناولك للمرطبات المثلجة، وتفيد حركة الضغط على سقف الحنك في تخفيف ارتفاع تدفق الدم نحو الدماغ، لذلك لا تتأخر عن القيام بهذه الحركة.

3. اشرب المشروبات الدافئة:

ذلك بهدف استعادة درجة حرارة الفم الطبيعية التي كانت عليها سابقاً، لذلك ليس من الضروري أن تكون المشروبات ساخنة جداً كما يعتقد بعض الناس؛ بل يكفي أن تكون دافئة أو درجة حرارتها تعادل درجة حرارة المكان الموجودة فيه، وليس بالضرورة شرب الشراب الدافئ؛ إنَّما يمكن أخذ القليل منه ثم القيام بمضمضة الفم به؛ إذ يعطي ذلك الدفء لفمك.

4. ضع قناعاً على الأنف والفم:

يتم ذلك باستخدام اليدين معاً بعد شبكهما ببعضهما على شكل قناع ووضعهما بشكل يغطي الفم والأنف، ومن ثم التنفس سريعاً؛ إذ تفيد هذه الحركة في حصر الأنفاس الدافئة، ومن ثمَّ تتسبب في رفع درجة الحرارة داخل الفم والتخلص من تجمد الدماغ تدريجياً.

5. اضغط بالإبهام على سقف الفم:

بطبيعة الحال ستكون درجة حرارة الجسم أعلى من درجة الحرارة الموجودة ضمن الفم المتجمد، ومن ثمَّ تساعد هذه الحركة على تخفيف الألم نتيجة المساعدة على رفع حرارة الفم، ولا تنسَ غسل اليدين جيداً قبل وضع الإبهام بالفم تجنباً لنقل الجراثيم والفيروسات أو غيرها.

6. اصبر قليلاً:

مدة تجمد الدماغ قصيرة كما قلنا آنفاً وخطوات العلاج بسيطة أيضاً، لذلك لا تجعل التوتر أو الهلع يسيطران عليك؛ بل اصبر قليلاً لأنَّ تخطي هذه المشكلة سيتم سريعاً.

شاهد بالفديو: 15 نصيحة لتحافظ على نفسيتك وتتلّخص من التوتر والإجهاد

 

كيفية تجنب الإصابة بتجمد الدماغ:

يمكن اتباع ما يأتي تجنباً للإصابة بتجمد الدماغ:

1. تناول الطعام البارد ببطء:

ارتفاع درجات الحرارة الخارجية تجعل التهام الطعام البارد كالمثلجات بسرعة ونهم ممتعاً جداً، لكن تلك المتعة ينتج عنها أحياناً نتائج سلبية معاكسة، لذا من الأفضل أن تبدأ بتناول المثلجات بشكل قضمات صغيرة كي لا تصدم الأوردة الدموية في الفم عند التغير المفاجئ في درجات الحرارة فتنقبض مسببة الصداع، كما يفضَّل استخدام الملعقة عند تناول المثلجات كي تتمكن من وضع المثلجات في فمك دون ملامسة سقف الفم.

2. تجنُّب استخدام الشفاطات (المصاصات البلاستيكية) عند شرب المشروبات الباردة:

لأنَّها توجه الشراب غالباً إلى سقف الحلق مباشرة، ومن ثمَّ الشفاطات تساعد على الإصابة بتجمد الدماغ، فعند استخدامها يجب أن يتم الشرب ببطء شديد، ومن الأفضل ألا يتم استخدامها؛ بل الشرب دونها.

3. أخذ استراحة عند الإحساس بالبرودة:

جميعنا يمكن أن نصاب بتجمد الدماغ، لذلك في حال كنت تشرب أو تتناول المرطبات الباردة وشعرت ببرودة شديدة مفاجئة في فمك، فمن الأفضل أن تأخذ استراحة قصيرة لمدة دقيقة تقريباً كي تسمح لفمك بالشعور بالدفء مرة أخرى، ثم عاود تناول المرطبات ببطء شديد.

4. الحذر عند الاستحمام في الشتاء:

إذ يكون الجو بارداً خارجاً وقد يتسبب بتجمد الدماغ، لذلك احرص على وضع منشفة على الرأس المبلل بالماء قبل الخروج، ويفضَّل أن يكون جو المنزل دافئاً قليلاً، ومن الأفضل الامتناع عن الخروج خارج المنزل قبل تجفيف الرأس جيداً وخاصةً في الأيام الماطرة والعاصفة.

5. ارتداء الملابس السميكة شتاءً:

خاصةً الأطفال فهم أكثر تأثراً بدرجات الحرارة المنخفضة، فمن الأفضل ارتداء القبعات الشتوية الصوفية بشكل دائم تجنباً للإصابة بالصداع الناتج عن التغير المفاجئ في درجات الحرارة وخاصةً في الصباح عند الذهاب إلى المدرسة.

6. تجنُّب المثلجات شتاءً:

على الرغم من أنَّ بعض الناس يشعرون بالمتعة عند تناول المثلجات أو العصائر الباردة في الشتاء، إلا أنَّها من التصرفات الخطرة ليس فقط لأنَّها تسبب تجمد الدماغ، فهي تتسبب بخفض درجات حرارة الجسم كثيراً، وهذا يعرضه للكثير من الأمراض.

في الختام:

إنَّ حالة تجمد الدماغ هي حالة شائعة جداً تحدث غالباً نتيجة التعرض المفاجئ لدرجات الحرارة المنخفضة أو تناول المثلجات بسرعة، فيتسبب ذلك في إرباك الأوردة الدموية الموجودة في سقف الفم، فيتغير تدفق الدم المتوجه إلى الدماغ، فيشعر المصاب بتجمد الدماغ حينها بألم مفاجئ يشبه الطعنات في مقدمة رأسه، ويستمر لمدة تتراوح بين بضع ثوانٍ وبضع دقائق ثم تزول.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى