الهرم الغذائي: مفهومه ومكوناته وفوائده
انطلاقاً من رغبة الجميع في الحصول على الصحة الجيدة والتخفيف من المشكلات التي يمكن أن يسببها تناول الغذاء بشكل منحرف وغير سليم وبكميات غير مدروسة، لجأ الكثيرون إلى اتباع نظام غذائي منظم ومتوازن، فالغذاء المتوازن هو حجر الزاوية في الحصول على حياة صحية للإنسان، ولا نعني بالحياة الصحية هنا خلو الإنسان من الأمراض أو العجز فقط؛ بل اكتمال السلامة العقلية والبدنية والاجتماعية.
تجدر الإشارة إلى أنَّه لا يوجد نظام غذائي واحد يتبعه الجميع، لكن يمكن القول إنَّ جميع هذه الأنظمة مشتقة مما يسمى بالـ “الهرم الغذائي” (Food Pyramid) الذي يساعد الإنسان على تطوير وتحسين صحته العامة بالشكل الذي يضمن له القيام بأوجه النشاط اليومية بكفاءة عالية، فهو بمنزلة جدار قوي حول الجهاز المناعي للجسم يستطيع كل فرد الاعتماد عليه في محاربة الأمراض والوقوف في وجه عبورها إلى الجسم، فما هو الهرم الغذائي؟ وممَّ يتكون؟ وما هي الفوائد التي يحققها؟
أولاً: ما هو الهرم الغذائي؟
الهرم الغذائي عبارة عن دليل على هيئة رسم تمثيلي يشبه الهرم، قاعدته كبيرة وتَصغُر كلما اتجهنا إلى الأعلى، ويتضمن هذا الهرم مجموعة متنوعة من الحصص الغذائية التي يجب أخذها يومياً وبكمية محددة للحصول على النظام الغذائي المتوازن.
تُعَدُّ وزارة الزراعة الأمريكية أول من أصدر دليلاً غذائياً؛ وذلك خلال عام 1992، وفي عام 2005 تم تطوير نسخة منه تحت اسم “هرمي” (my pyramid)؛ إذ يحتوي الهرم الغذائي على المجموعات الغذائية الخمس التي ينبغي على كل فرد الالتزام بها والتي تمد الجسم بجميع العناصر التي يحتاجها.
لا يمكن لمجموعة منها أن تحل مكان مجموعة أخرى؛ بل هي عبارة عن مجموعات من العناصر المتكاملة مع بعضها بعضاً، ووجودها معاً هو الذي يحقق الفائدة المرجوة فلا يمكن الاستغناء عن أي منها، فالهرم الغذائي بمنزلة الدليل والمرشد الذي يحدد الكميات الصحيحة والصحية التي يجب تناولها للحفاظ على سلامة الجسم وسلامة أعضائه.
يهدف الهرم الغذائي إلى:
- تعزيز الصحة الجسمية للفرد من خلال تناول الغذاء الصحي.
- تحقيق الاستفادة القصوى من الأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية مثل البروتينات والفيتامينات والمعادن والألياف والتقليل من الأطعمة التي تضر بالجسم مثل السكريات.
- ضمان النمو وتطور الجسم الطبيعي لا سيما بالنسبة إلى الأطفال.
- تقليل نسبة الأمراض التي تنشأ عن تناول الأغذية غير الصحية ومضاعفات تلك الأمراض.
شاهد: 7 نصائح لتغذية صحية سليمة
عادةً يتم تقسيم الهرم الغذائي إلى ألوان حسب مكونات كل مجموعة، وهذه الألوان هي:
1. اللون البرتقالي:
يأتي في قاعدة الهرم ويشير إلى الحبوب والخبز.
2. اللون الأخضر:
يشير إلى الخضروات.
3. اللون الأحمر:
يشير إلى الفواكه.
4. اللون الأصفر:
يشير إلى الدهون والزيوت.
5. اللون الأزرق:
يشير إلى مجموعة الحليب والمنتجات اللبنية.
6. اللون البنفسجي:
يشير إلى الأسماك واللحوم والبقوليات.
ثانياً: مكونات الهرم الغذائي
يتألف الهرم الغذائي من خمس مجموعات تكون مجتمعة في الغذاء الصحي، وهي:
1. الحبوب:
تقع المجموعة الأولى في قاعدة الهرم، وتُعَدُّ هذه المجموعة هامة لأنَّها تحتوي على الكربوهيدرات التي تمد الجسم بالطاقة وتقلل من خطر تراكم الكوليسترول، كما تقلل من خطر الإصابة بمشكلات الجهاز الهضمي كالإمساك وعسر الهضم، بالإضافة إلى الحفاظ على صحة القلب واحتوائها على الألياف والمعادن الهامة للجسم.
من المنتجات التي توجد في هذه المجموعة: الأرز، الخبز، المعكرونة، البطاطا، ويُنصح بتناول من 6 إلى 11 حصة منها يومياً.
2. الخضار:
تأتي في المرتبة الثانية بدءاً من قاعدة الهرم وهي هامة للجسم كثيراً، فهي أغذية حارقة ومنخفضة السعرات الحرارية وقليلة الدهون، وتسهم في زيادة الشعور بالشبع وتقلل من حجم وعدد الوجبات التي يتناولها الفرد خلال اليوم، كما أنَّها غنية بالفيتامينات مثل فيتامين (A) وفيتامين (E)، والمعادن مثل البوتاسيوم والكالسيوم والحديد، ومضادات الأكسدة، وأيضاً تُعَدُّ من الأغذية المقوية لمناعة الجسم والوقاية من السرطانات، ويُنصح بتناول من 3 إلى 5 حصص من الخضروات يومياً.
وتُقسم الخضار هنا إلى أربعة أقسام رئيسة هي:
- الخضار النشوية: مثل البطاطا والذرة.
- الخضار الورقية: مثل البروكلي والسبانخ والبقدونس والخس.
- الخضار البرتقالية: مثل الجزر.
- الخضار الأخرى: مثل البندورة والخيار والقرنبيط والبصل والثوم وسواها.
3. الفواكه:
يمكن استهلاكها على شكل عصائر طبيعية أو تناولها كما هي، لكن يفضل تناولها بالشكل الصحيح، أما إذا كانت على شكل عصائر يجب تناولها دون إضافة السكر، والفواكه غنية بالماء كما أنَّها مشبِعة فيمكن لتفاحة واحدة أن تُشعر الفرد بالشبع، بالإضافة إلى غناها بنوع خاص من الألياف القادرة على خفض الكوليسترول.
كما أنَّها تحتوي على نسبة عالية من فيتامين (C)، بالإضافة إلى مضادات الأكسدة المتنوعة، ومن الفواكه: البرتقال والتفاح والموز والكيوي والفريز والبطيخ الأصفر والأحمر وغيرها، وينبغي تناول من 2 إلى 5 حصص من الفواكه يومياً.
شاهد أيضاً: 5 فواكه سحرية تساعدك على التخلص من الكرش
4. الحليب ومشتقاته:
هذه المجموعة يحتاجها الجسم بشدة وبكميات كافية، وهي مجموعة الحليب ومشتقاته، ومن الألبان والأجبان: الشيدر، القريش، الجبنة البيضاء وغيرها من الأنواع من الأطعمة الغنية بالكالسيوم والبروتين، وتعمل على حماية العظام من الكسر أو الإصابة بهشاشة العظام وتقوية المفاصل والأسنان وتقوية العضلات، وبحسب الهرم الغذائي يجب تناول من 2 إلى 3 حصص في اليوم، وعند تناول الحليب يُفضَّل أن يكون قليل الدسم.
5. البروتينات:
تتوفر البروتينات بكثرة في البيض واللحوم بأنواعها كاللحوم الحمراء مثل لحم البقر أو الماعز أو الضأن، واللحوم البيضاء مثل لحم الدواجن والطيور، كما تتوفر في المأكولات البحرية مثل الأسماك والجمبري والجندوفلي، وأيضاً يمكن أن نجد البروتين في البقوليات كالعدس والحمص والفول، وتحتوي اللحوم بالإضافة إلى البروتين على الكثير من المعادن مثل الزنك والحديد والكالسيوم، ويُفضَّل تناول مقدار 2 إلى 3 حصص منها.
- يضاف إلى تلك المجموعات مجموعة صغيرة توجد بجزء صغير في قمة الهرم وتتضمن الدهون والحلويات والأطعمة السكرية التي يحتاجها الجسم بنسبة ضئيلة جداً ويمكن حتى الاستغناء عنها.
ثالثاً: الهرم الغذائي المطوَّر
هو نسخة محدَّثة من الهرم الغذائي المعروف، ويكون على شكل شرائح متجاورة وذات شكل رأسي إشارة إلى الأهمية المتماثلة لكافة الأغذية، بالإضافة إلى ضرورة تنويع الأطعمة وعَدِّ الزيت جزءاً لا يتجزأ من الطعام الصحي لكن شرط أن نحصل عليه من السمك أو المكسرات، ويحتوي بالإضافة إلى الأغذية الصحية على عناصر أخرى، ووفقاً لهذا الهرم تختلف الحصة المطلوب تناولها بين فرد وآخر باختلاف طبيعة جسمه وحاجته اليومية، كما يركز على ضرورة ممارسة النشاط البدني والقيام بالتمرينات الرياضية بشكل منتظم لا يقل عن 60 دقيقة، وأهم ميزاته أنَّه يتم بشكل تدريجي غير قاسٍ فلا يمكن الحصول على النتائج المطلوبة بين ليلة وضحاها.
رابعاً: فوائد الهرم الغذائي
- دليل ومرشد للأفراد الراغبين في الحصول على صحة جيدة.
- ترتيب الأغذية في مجموعات حسب حاجة الجسم إليها بحيث يستطيع الفرد تحديد الكمية التي يحتاجها منها؛ إذ توجد أنواع مختلفة من الأنظمة الصحية المبنية وفقاً للهرم الغذائي يمكن للفرد اتباع أحدها.
- إتاحة الفرصة لاختيار نوع الطعام وفقاً لكل مجموعة وبالوقت نفسه الحصول على العنصر الغذائي المطلوب.
- حماية الجسم من الأمراض المختلفة التي يمكن أن تنتج عن تناول أنواع محددة من الأغذية ولا سيما التي تصيب الأوردة والشرايين.
- الوقاية من الأمراض الخطيرة كالسرطان ومرض السكري من النوع الثاني والتقليل من فرص الإصابة بأمراض القلب عموماً.
- الحث على تناول الكميات المطلوبة للجسم فقط؛ أي تناول الطعام باعتدال.
- التحسين من عادات الأكل ومن العادات الصحية عموماً.
- حث الأفراد على الابتعاد عن الحميات القاسية التي غالباً ما تؤدي إلى نتائج عكسية غير محمودة.
- تذكير الفرد بشكل دائم بالحاجات الأساسية من أنواع الطعام يومياً بحيث يتوقف الفرد عن تناول نوع واحد من الطعام فقط
في الختام:
نشأ علم التغذية في القرن العشرين ومن ثم بدأ بالتطور يوماً بعد يوم انطلاقاً من عَدِّ الغذاء أقوى عامل فردي لتحسين صحة الإنسان وحمايته من الأمراض المختلفة؛ لذا من الواجب اتباع نمط صحي للغذاء منذ الطفولة، وعند النظر إلى الهرم الغذائي يُعتقد أنَّه شيء بسيط، لكن في الحقيقة توزُّع العناصر بهذه الطريقة ومعرفة القدر المناسب أو الحصة المناسبة منها، يمثل تحدياً كبيراً؛ وذلك لأنَّه لا يوجد غذاء واحد يمكن أن يمد الجسم بكافة العناصر التي يحتاجها، فمن الضروري الالتزام بالتنوع للحصول على وجبة صحية ومتوازنة بحيث يتمتع الإنسان بالصحة الجسمية بالشكل الذي يجعله أكثر نشاطاً وإقبالاً على الحياة، فالهرم الغذائي بمنزلة القاعدة المتينة التي يرتكز عليها الجسم في التمتع بحياة سعيدة.
المصادر: 1،2،3،4