التغذية العلاجية: مفهومها وأهدافها وفوائدها
إذاً يؤدي الغذاء دوراً كبيراً في الحفاظ على صحة أجسادنا وحمايتنا من الأمراض، وهذا ما استثمره الطب لابتكار نوع من العلاج عن طريق الغذاء يطلق عليه اسم التغذية العلاجية، ونظراً لأهمية الموضوع في حياتنا اليومية وتطبيقاته الكثيرة سنتحدث في المقال الآتي عن التغذية العلاجية؛ مفهومها وأهدافها وفوائدها.
مفهوم التغذية العلاجية وأهميتها:
يُقصد بالتغذية العلاجية استخدام الغذاء أو المكملات الغذائية من أجل تحسين الحالة الصحية للمرض، ويتم الاعتماد في ذلك على العناصر الغذائية الموجودة داخل أنواع الأطعمة المختلفة، وتُعَدُّ هذه الطريقة في العلاج هامة جداً، فإضافة إلى دورها في حل الكثير من المشكلات الصحية وأهميتها في علاج العديد من الأمراض والوقاية منها، قد تكون الطريقة الوحيدة لعلاج بعض أنواع الأمراض.
بذلك يمكن تعريف التغذية العلاجية بأنَّها نظام غذائي يتم تطويره عن النظام الغذائي العادي بالاعتماد على إزالة بعض العناصر الغذائية أو إضافتها، وبشكل يراعي حساسية الغذاء، وعدم قدرة بعض الأجسام على تحمل بعض أنواع الأطعمة مثل اللاكتوز، فقد يكون النظام الغذائي للمريض مؤقتاً وبمجرد زوال حالته الصحية يعود إلى نظامه الغذائي العادي، وقد يكون دائماً كما في حالة مرضى السكري والقلب.
للتغذية العلاجية أهمية كبيرة يمكننا تلخيصها في النقاط الآتية:
- تؤدي التغذية العلاجية دوراً هاماً في تخفيف حدة المضاعفات المرافقة لمرض ما، فمثلاً يمكن الإكثار من تناول الأغذية السائلة عند الإصابة ببعض أنواع الأمراض كالزكام؛ وذلك لأنَّها تؤدي دوراً كبيراً في التخفيف من حدة الالتهابات وتمنع الإصابة بالجفاف.
- تخفيف حدة الأعراض المزعجة المرافقة لبعض الأمراض، فمثلاً إذا كان المريض يعاني من بعض الاضطرابات المعوية والالتهابات الحادة يمكن تغيير نوعية طعامه من الغذاء العادي إلى النظام الغذائي الطري الذي يتميز بقوامه الطري وسهولة مضغه وعدم احتوائه على ألياف صلبة، ومن الأغذية التي يمكن تناولها في هذه الحالة الحليب والبطاطا والموز.
- تقوية جسد الفرد وزيادة مناعته والوقاية من سوء التغذية؛ إذ يُنصح مثلاً خلال فصل الشتاء بتضمين الحمضيات ضمن النظام الغذائي للفرد؛ وذلك لأنَّها تزيد المناعة وتقي من الإصابة بالتهابات الجهاز التنفسي.
يمكن عَدُّ التغذية العلاجية أسلوب حياة يتبعه من يريد العيش بطريقة صحية، لذلك من الهام معرفة أساسيات التغذية العلاجية؛ وذلك لأنَّها تساعد على تحقيق الاستفادة القصوى منها، وذلك عن طريق معرفة العناصر الغذائية الأساسية؛ أي التي لا يستطيع الجسم تصنيعها، وغير الأساسية؛ أي التي يصنعها الجسم تصنيعاً جيداً، وتمييزها ومعرفة فائدة كل منها وكيفية استخدامها استخداماً صحيحاً وإدراجها ضمن نظامه الغذائي بالطريقة الصحيحة والكميات المناسبة.
يمكن تلخيص أساسيات التغذية العلاجية بالنقاط الآتية، والجدير بالذكر أنَّ تحديد الكميات التي يحتاجها الجسم من العناصر الغذائية تبعاً لحالته الصحية هي من اختصاص ومهام اختصاصي التغذية العلاجية:
- على المريض أن يفهم السبب وراء اتباعه لنظام غذائي محدد ليكون حريصاً على التقيد به، فالتزام المريض شرط أساسي لنجاح النظام الغذائي بهدفه.
- يجب على الفرد اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن غني بالأملاح والفيتامينات والمعادن؛ أي جميع العناصر الغذائية المتناسبة مع الحالة الصحية له، كما عليه استبعاد العناصر غير المناسبة لحالته من نظامه الغذائي. مثلاً في حالة أمراض القلب يجب اتباع نظام غذائي يعتمد على الأغذية الغنية بالبروتين الصحي كما في الأسماك والبقوليات، وأيضاً تناول الخضار والفواكه واستبعاد الأطعمة الغنية بالسكريات والكربوهيدرات والدهون والأملاح كما في الزبدة والمعجنات.
- تضمين العناصر الغذائية ضمن وجبات المريض الاعتيادية حتى لا يكره المريض الطعام، فمثلاً في حال وجب التقليل من الملح يمكن استبداله بالأعشاب والبهارات لجعل نكهة الطعام محببة.
- التركيز في النظام الغذائي المتبع على كمية المياه والسوائل في جسم المريض.
- الموازنة بين الأدوية والتغذية العلاجية.
- الحرص على وجود جميع العناصر الغذائية التي يحتاجها الجسم من حبوب وألبان وأجبان ولحوم وخضار وفواكه وبقول بالكميات الدقيقة والمحددة كما ذكرنا من قِبل اختصاصي التغذية العلاجية.
أهداف التغذية العلاجية:
يتم اتباع التغذية العلاجية بغية تحقيق العديد من الأهداف التي تصب جميعها في مصلحة الفرد وبغرض تحسين صحته، وقد يكون الهدف من النظام الغذائي المتبع علاجياً أو للوقاية أو المساعدة على الشفاء، ويمكن تلخيص أهداف التغذية العلاجية فيما يأتي:
- تقديم نظام غذائي يتناسب مع طبيعة الجسم وحاجته وحالته الصحية.
- العمل على تعويض أي نقص موجود في العناصر الغذائية الأساسية أو غير الأساسية.
- المحافظة على وزن الجسم وضبطه.
- تحقيق الراحة لأعضاء الجسم وخاصةً الجهاز الهضمي.
شاهد بالفديو: كيف تحافظ على صحتك مدى الحياة؟
طرائق التغذية العلاجية:
الطريقة العادية والمتبعة في التغذية العلاجية تكون عن طريق الفم؛ إذ يدخل الطعام إلى جسم المريض عن طريق الفم فيقوم الجسم بهضم وامتصاص ما يحتاجه من العناصر الغذائية من هذا الطعام، لكن في بعض حالات المرض الشديد يمكن إعطاء الطعام عن طريق الوريد أو التغذية بواسطة الأنبوب.
استخدامات التغذية العلاجية:
كما ذكرنا منذ قليل يكون استخدام التغذية العلاجية إما بهدف العلاج أو الوقاية أو المساعدة على الشفاء، ويتم استخدام التغذية العلاجية للمشكلات الآتية:
- مشكلات الهضم: مثل الإمساك والإسهال والقولون العصبي.
- مشكلات الوزن: مثل إنقاص أو زيادة الوزن واختلال توازن السكر ومرض السكري.
- أمراض المناعة الذاتية: مثل التعب المزمن والذئبة والألم العضلي الليفي.
- أمراض الجلد: مثل الصدفية وحب الشباب.
- أمراض القلب.
- المشكلات المتعلقة بالصحة النفسية: مثل ضعف التركيز والتوتر والقلق وتعكر المزاج.
- المشكلات الصحية للمرأة: مثل مشكلات الدورة الشهرية وتكيُّس المبايض.
فوائد التغذية العلاجية:
فوائد التغذية العلاجية عديدة وسنذكر منها:
- الحفاظ على صحة جهاز المناعة.
- ضبط الوزن والمساعدة على زيادته أو خسارته حسب وضع المريض.
- ضبط هرمونات الجسم وخاصةً عند المرأة.
- الحفاظ على صحة جهاز الهضم وتحسين أدائه.
- خفض مستويات التوتر والقلق من خلال التركيز على بعض الأطعمة المهدئة.
- المساعدة على الحصول على نوم مريح وهادئ والقضاء على مشكلات الأرق واضطرابات النوم.
- التأكد من إصابة المريض بعدم تحمل الطعام.
- زيادة طاقة الجسم، وهذا يُشعر الفرد دائماً بالنشاط والحيوية.
- ضبط هرمونات الجسم وإزالة السموم منه وزيادة فرص الشفاء من الأمراض الجلدية.
- الشعور براحة عامة تظهر على كل أعضاء جسم الإنسان.
من هو اختصاصي التغذية؟
اختصاصي التغذية هو شخص متخصص في تعزيز الصحة وعلاج الأمراض والوقاية منها عن طريق ضبط الغذاء، وهم موجودون في المستشفيات والمراكز الصحية والنوادي الرياضية والعيادات، ويمكن حصر مهام اختصاصي التغذية بالمهام الآتية:
- تقييم تاريخ المريض الصحي.
- إرشاد المرضى إلى العادات الصحية في تناول الطعام.
- إعداد النظام الغذائي الخاص بالمريض وفقاً لحالته الصحية.
- متابعة مدى تقدم المريض ومدى التزامه وتقيده بالنظام الغذائي.
- تنفيذ علاج التغذية العلاجية كما في الحالات التي تتطلب تغذية وريدية مثلاً.
- إعداد أنظمة غذائية للرياضيين للحفاظ على لياقتهم وتحسين أدائهم.
- الإشراف على عمليات تقديم الغذاء كما في المستشفيات وكافتيريات الجامعة والمدرسة.
دور التغذية العلاجية في مكافحة السمنة:
الحصول على جسد نحيل ومتناسق صار مطلباً أساسياً للناس في ظل ظروف الحياة المعاصرة اليوم، ولا يرجع الأمر للناحية الجمالية فقط؛ بل توجد عدة فوائد صحية لذلك، ويمكن استخدام التغذية العلاجية للتخفيف من الوزن الزائد والحصول على جسد مثالي.
يعرف الكثير من الأشخاص أنَّ إنقاص الوزن يبدأ من تغيير نظامهم الغذائي وطبيعة الأطعمة التي يأكلونها، ولكنَّهم غير قادرين على وضع نظام غذائي صحي ومناسب، وهنا يأتي دور اختصاصي التغذية العلاجية لمساعدتك على البدء من المكان الصحيح، وبطريقة تساعدك على خسارة الوزن دون فقدان العناصر الغذائية الضرورية لصحتك، كما سيقوم بتحديد عدد السعرات الحرارية التي عليك تناولها يومياً بشكل يساعدك على الوصول إلى هدفك في فقدان الوزن وثبات هذا الوزن فيما بعد.
من الهام أن نعرف أنَّ الهدف من خسارة الوزن كما ذكرنا آنفاً ليس جمالياً فقط؛ بل يخفف من فرص إصابتك بالعديد من الأمراض والمشكلات الصحية كالسكري والضغط وأمراض القلب والرئة وبعض أنواع السرطانات.
في الختام:
يؤدي النظام الغذائي الذي نتبعه كما رأينا دوراً كبيراً في الحفاظ على صحة أجسادنا وسلامة أعضائنا، ولذلك كان من الهام جداً أن نعتمد على الأغذية المفيدة والغنية بالعناصر الغذائية الهامة وأن نلتزم بعادات الأكل الصحي ونبتعد عن كل ما هو ضار وغير مفيد، فالتغذية العلاجية لا تقتصر على علاج الأمراض فقط؛ بل لها دور بالغ الأهمية في تعزيز وتقوية جهازنا المناعي، ومن ثمَّ الوقاية والتقليل من خطر الإصابة بالعديد من الأمراض، لذلك ننصحكم بالتعرف أكثر إلى التغذية العلاجية واعتمادها بوصفها أسلوب حياة يضمن لكم حياة صحية خالية من الأمراض.
اكتشاف المزيد من موقع تدخين الطبخ
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.